السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مسار سياسي جديد في فرنسا

عاشت فرنسا زلزالاً سياسياً صامتاً بكل المقاييس من خلال الدورة الثانية للانتخابات الجهوية.. فشل مزدوج لمارين لوبان وإيمانويل ماكرون، وانتعاش اليمين التقليدي وصمود معاقل اليسار.

وبالرغم من أن حزبَا مارين لوبان وإيمانويل ماكرون حاولا التقليل من أهمية هذه الانتخابات والتنديد بنسبة المشاركة الضعيفة فيها، والتأكيد على رهاناتها المحلية إلا أن العبر التي تم استخلاصها تنم عن إعادة النظر في حيثيات المسار الانتخابي الفرنسي في السنة الأخيرة من الولاية.

والتساؤل الذي سيغيِّر مجرى الأحداث خلال حملة الانتخابات الرئاسية مزدوج الأبعاد، وهو: كيف يمكن لرجل سياسي مثل إيمانويل ماكرون لا يملك حزبه أي عمق اجتماعي أن يطمح بالصدارة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصاً بعد حصيلة سياسية هي محل انتقادات لاذعة من طرف المعارضة والشارع السياسي الفرنسي؟ وكيف يمكن لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أن تطمح إلى لعب الأدوار الأولى على المستوى الوطني، وهي لم تستطع كسر سقفها الزجاجي في أي جهة من جهات الجمهورية؟


هذا السؤال المزدوج هو الذي ينعش آمال اليمين التقليدي، الذي استطاع معظم رموزه الاحتفاظ بقيادة الجهات التي كانت في قبضتهم، كما أعاد إلى الواجهة دور اليسار الذي أصبح يقوده تيار الخضر في التأثير على مجريات الأحداث.


والتحدي الحيوي الذي يواجه اليمين اليوم يطال التوصل إلى اتفاق سياسي بين مختلف مكوناته وشخصياته على اسم ـ رجل أو امرأة ـ لكي يخوض المعركة الرئاسية باسمه، وهو تحدٍّ سهل المنال نظريّاً لكنه صعب التحقيق ميدانيّاً .

فالمنافسة بين شخصيات مثل كسافيي برتران، وفاليري بيكرس، ولوران فوكيي تبدو حتمية لأنها تعكس منافسة نرجسيَّة ذات أبعاد سياسية سيصعب تفادي تداعيتها السلبية.

ولا شك أن الرئيس ماكرون، وهو يراقب انتعاش هذا اليمين التقليدي، يراهن على هذه الانقسامات الداخلية، لكي يخوض هذا اليمين السباق الرئاسي في ظروف التفرقة، قد تصب في آخر المطاف في مصلحة ساكن قصر الإليزيه.

والأشهر المعدودة التي تفصلنا عن تاريخ الانتخابات الرئاسية ستكون مناسبة للعديد من المناورات السياسية، من طرف الثنائي الذي يهيمن على الحياة السياسية الفرنسية.. فكيف يمكن لماكرون أن يراهن على أنه قادر على نيل ثقة الفرنسيين لولاية ثانية، وكيف يمكن لمارين لوبان أن تنسى هزيمة حزبها في انتخابات كانت تعول عليها لمنحها الزخم الضروري للوصول إلى قصر الإليزيه.