الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ذكرى عودة وطن مخطوف

خلال العام الذي حكمت فيه جماعة الإخوان مصر، ما بين يونيو 2012 و30 يونيو 2013، كنت أرى وجوهاً لا أعرفها.. وجوهاً غيرت في انتماءاتها وأولوياتها، فقررت أن تستبعدنا جميعاً وتنفرد هي بالوطن كله كغنيمة، وكخطوة من أجل تحقيق أهدافها التي تتجاوز الوطن إلى أحلامها الخاصة في الخلافة الإسلامية، التي يتحول فيها هذا البلد بتاريخه إلى مجرد ولاية.

تعامل نظام الإخوان بأكبر قدر من اللامبالاة والاستهانة بكل من عداهم، ذلك الإحساس المتضخم بالقوة والجبروت والرغبة في الانتقام هو كتاب سلوك الجماعة الحاكمة الذي يتبعونه في ممارسة الحكم فينا، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن قياداتهم السابقة شكلاً ـ والمؤثرة في عقول أبنائها أكدت في مقولة «طظ في مصر» باطن مواقفهم القديمة والمتجددة، وأثبتت خلال هذا العام أنها لم تكن زلَّة لسان، فهذه فعلاً كانت رؤيتهم لمصر والتي تبدو في لحظات الحقيقة مهما حاولوا إخفاءها بمعسول الكلام.

لقد بدؤوا في عملية تجريف حقيقية ومؤثرة في ملامح الشخصية المصرية، وبدؤوا يفرضون واقعاً جديداً ذا ملامح مختلفة.. ملامح تشوه وجه مصر المدنية، التي يضرب تاريخها الثقافي والحضاري في جذور التاريخ، وربما ذلك ما يفسر جزئياً العدد الضخم من المصريين الذين قرروا أن يخرجوا ليحموا أرواحهم وملامحهم من التشويه.. لقد ثار المصريون بسرعة واستمروا في ثورتهم، ولم يتركوا الشارع حتى اندحرت الجماعة ورئيسها وعاد للمصريين وجههم الحقيقي.


مثَّل مشهد 30 يونيو 2013 الاستدعاء الأبرز في التاريخ المصري الحديث للمؤسسة الوحيدة القادرة على الفعل في هذه المرحلة.. المؤسسة التي نجت نسبياً من عمليات للتجريف وهدم الثقة، واستطاعت هذه المؤسسة، والتي هي الجيش، والتي كان على رأسها الفريق عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، أن تستعيد بسرعة مكانتها عند المصريين.


لم يكن هناك مجال للجميع وقتها إلا الأمل في الجيش، وظل المصريون ينتظرون اللحظة التي يعلن فيها الجيش انحيازه للناس مرة أخرى، ولم يخيب الجيش أمل الملايين الذين نزلوا في الشوارع بحثاً عن وطنهم المخطوف، ولم يهتم الجيش وقائده سوى بمصر والمصريين.

لقد عادت الدولة والوطن لأصحابهما الأصليين، بملامحهم القمحية الحضارية الحقيقية، لكن مصر عادت منهكة اقتصادياً، وغابت عنها الاستثمارات طوال فترة الاضطرابات السياسية، وتوقفت الكثير من المصانع والمنشآت عن الإنتاج، ليبدأ طريق إعادة البناء.