الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

في ذكرى استقلال الولايات المتحدة الأمريكية

يمثل الرابع من يوليو 1776م يوماً مفصلياً في تاريخ الولايات المتحدة، ففي ذات اليوم تمت الموافقة على وثيقة استقلال مستعمرات أمريكا البالغ عددها 13 مستعمرة عن بريطانيا العظمى، وكانت تلك المستعمرات مرغمة على دفع الضرائب لملك بريطانيا دون تمثيل لها في البرلمان البريطاني، ومع تصاعد المظاهرات والاحتجاجات اجتمع كونغرس المستعمرات بمدينة فيلادلفيا وقرر تكوين لجنة لإعداد وثيقة الاستقلال، وضمت اللجنة توماس جيفرسون وبنجامين فرنكلين وثلاثة آخرين.

قام جيفرسون وزملاؤه بكتابة «إعلان الاستقلال» وقام الكونغرس بالمصادقة عليه، وفي 4 يوليو 1776م أعلن كونغرس فيلادلفيا القانونَ بشكل رسمي، وجرى تفعيله في سائر المستعمرات، واحتفل الناس به باستخدام الألعاب النارية، ومنذ ذلك الحين والشعب الأمريكي يحتفل بعيد الاستقلال في الرابع من يوليو كل سنة، وفي عام 1870م أعلن 4 يوليو عطلة رسمية.

إن ما يميز «إعلان الاستقلال» ويجعله أحد أهم الوثائق في تاريخ العصر الحديث هو تأكيده على المساواة بين البشر وحقوق الإنسان بعبارة صريحة: «جميع الأشخاص خلقوا متساوين، ويمتلكون حقوقاً بديهية لا يمكن التصرف فيها، ومنها الحق في الحياة، والحرية، والسعي وراء السعادة»، شكلت مبادئ جوهرية لتصور المساواة والحرية وحقوق الإنسان، التي أثرت في دساتير العالم إلى جنب وثيقة الـ«ماجنا كارتا» التي تعد مصدراً للحكومة الدستورية في الغرب.

لقد قطعت الولايات المتحدة شوطاً طويلاً منذ إعلان الاستقلال في سعيها لتحقيق المساواة والحرية لشعبها، ومَثّل إلغاء قانون العبودية عام 1865م البداية الفعلية للمساواة التي لم تتحقق بعدُ على أرض الواقع بشكل كامل بالنسبة للمواطنين السود، ومع ذلك برزت الولايات المتحدة أمام عيون العالم عبر عدسة «تمثال الحرية» أرضاً للفرص، والحرية، والرخاء الاقتصادي المدهش، ونجحت فعلاً من خلال استقطاب أفضل العقول والمهارات والمواهب من أنحاء العالم في بناء أقوى اقتصاد وأقوى جيش في التاريخ.

لا تخلو مناصرة أمريكا لمبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتزامها بنشر هذه المبادئ في أنحاء العالم كله من الازدواجية التي تجلت في عدد كبير من مواقفها، ابتداءً من القصف النووي على اليابان عام 1945م، وغزوها العسكري على فيتنام وتنفيذها لسياسات وبرامج في منطقة الشرق الأوسط، التي عملت على زعزعة أمنها واستقرارها متمثلة في تدميرها للعراق وليبيا وأفغانستان، ودعمها لحركات الربيع العربي التي لم تخلف وراءها إلا «الخريف» والفوضى والبلبلة والدمار للعالم العربي كله.