السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الوثائق الدبلوماسية السرية.. الكنز المتاح

في عام 1967، اتخذت الحكومة البريطانية قراراً مفاجئاً أصاب الدول الكبرى بالدهشة، وذلك حين قررت تقليص فترة رفع السرية عن الوثائق الحكومية البريطانية من خمسين إلى ثلاثين سنة، وأصبحت معلومات خطيرة تخص مراسلات دول التحالف في الحرب العالمية الثانية متاحة للباحثين ومراكز الدراسات.

كما أماطت تلك الخطوة اللثام عن وثائق على درجة عالية من الخطورة تخصُّ الانقلابات والثورات الكثيرة التي عصفت ببلدان عربية، منها انقلاب العراق عام 1958، وثورة مصر عام 1952 وانقلابات سوريا المتعددة، فضلاً عن وثائق تخص قضية فلسطين وظروف نكبة 1948، وما نتج عنها من موجات لاجئين وحروب عربية ـ إسرائيلية.

بلا شك كانت بعض الدول الكبرى ذات العلاقة التي لم تكشف عن وثائقها السرية عن تلك الفترة الساخنة في الشرق الأوسط غير مرتاحة للخطوة البريطانية، وطلبت أن تكون وثائق بريطانيا متاحة في النطاق الضيق جداً، حفاظاً على مصالح تلك الدول التي بدأت تنمو في منطقة النفط الاستراتيجية.


الباحثون العرب، وحتى الحكومات لم تستفد كثيراً من كنز المعلومات الذي أتاحته بريطانيا بفتح أبوابه، وبقيت تلك الوثائق لدى العرب مثل «الأداة الخرساء» كما وصفها المؤرخ والفيلسوف الفرنسي المعروف أرنست رينان قبل قرن من الزمن.


هناك معلومات ذات أثر مهم في فهم تركيب الحركات والشخصيات السياسية التي حكمت المنطقة في خلال أكثر من 100 عام، ربما كانت غائبة عن أصحاب الحكم والقرار اليوم في البلدان نفسها، نظراً لانشغالهم باليومي والاستهلاكي من التعاملات، بعيداً عن تأمل الماضي القريب في ضوء حقائق ناطقة وليس تحليلات أو توقعات.

بعض الجامعات في البلدان العربية في أقسام التاريخ والجغرافيا والسياسة قامت بتقديم أطروحات للدكتوراه والماجستير استناداً إلى تلك الوثائق، لكن بقيت في نطاق باحثين جدد ليست لهم خبرات عالية في فهم وتحليل الشؤون الدبلوماسية والسياسية عند التعامل مع الوثيقة، لذلك لم نرَ كتباً ذات أهمية تفوق ما قدمه الدبلوماسي العراقي الراحل نجدة فتحي صفوت في 2013 الذي عمل في الدبلوماسية مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، ممثلاً للعراق بمناصب مختلفة في لندن والقاهرة وواشنطن وعمان وباريس وجدة وأنقرة وموسكو، وآخر محطاته كانت بكين، حين تفرغ لتحليل الوثائق الدولية السرية المتاحة الخاصة بالأوضاع العربية، مقدماً بحوثاً رائدة، لم تعرف المكتبة العربية ما ينافسها، منها كتاب «الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية».

فماذا يمكن أن تكشف الوثائق البريطانية من أسرار حرب غزو الكويت 1991 مثلاً، وقد قاربت أن تدخل في المدة المسموح بها للخروج إلى العلن؟