الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العرب.. وسد النَّهضة

لم يكن موقف مجلس الأمن مفاجئاً، رغم الموقف المصري القويّ والذي جاء الموقف السوداني متَِّسقاً معه، إلا أن موقف المجلس لم يخرج عن المتوقع بالدعوة لاستئناف الحوار بين الأطراف كلها، والحفاظ على مبدأ عدم الاعتداء والجور على حقوق الدول في مياه النيل.

ولكن هناك أمراً طالما ألحت عليه فيما سبق، وهو أن يتحول الدعم العربي لموقف مصر والسودان في الأزمة، من مجرد دعم الكلام والأحاديث والبيانات التي تؤيد الموقف، إلى دعم حقيقي بالفعل.

فمنذ أشهر أكَّد وزراء خارجية الدول العربية في اجتماعهم بالدوحة دعمهم للقاهرة والخرطوم في الخلاف بشأن اعتزام إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة، وطالب القرار العربي في الاجتماع جميع الأطراف بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية للدول الأخرى، دون التوصل إلى اتفاق شامل حول قواعد الملء وتشغيل السد.


كما تضمن أيضاً عدداً من التكليفات إلى المجموعة العربية في نيويورك، من بينها البدء في إعادة تفعيل موضوع سد النهضة أمام مجلس الأمن، ولعقد جلسة طارئة للتشاور واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق عملية تفاوضية فعالة تضمن التوصل في إطار زمنى محدد لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة، يراعي مصالح الدول الثلاث.


كما أعلنت المملكة العربية السعودية دعمها ومساندتها لمصر والسودان، مؤكدة أن أمنهما المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي، فيما أعلنت الكويت أيضاً تضامنها بما يحفظ لدولتي المصب حقوقهما المائية والاقتصادية وفق القوانين الدولية، وكذلك فعلت المملكة البحرينية، والأردن، وتونس، والعراق، والإمارات التي أبدت اهتمامها البالغ وحرصها الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي والمفاوضات لتجاوز أي خلافات، وأخيراً سلطنة عمان، والحكومة اليمنية الشرعية.

ولكن المدهش أن القرارات العربية والنصائح والتوجهات وبيانات الدعم، لم تؤثر على الجانب الإثيوبي الذي واصل تعنته، وأرسل للجانبين المصري والسوداني منذ أيام، متحدياً، بأنه بدأ الملء الثاني.

لست بصدد المطالبة بشيء، سوى أن تتحرك الدبلوماسية المصرية لدى أشقائها العرب بأن تكون جهود الدعم مركزة في أشياء ملموسة على أرض الواقع، لا أن تكون مجرد بيانات على أوراق تذاع في الفضائيات الإخبارية، وتتناقلها وكالات الأنباء، ثم تذهب إلى طي النسيان.

المطلوب أن تتحرك الدول العربية بما لها من ثقل واستثمارات كبيرة في إثيوبيا، بحيث تضغط بشكل واضح على الحكومة هناك، من أجل أن تستمع إلى صوت العقل، وأن تعود إلى مائدة المفاوضات بغير خنوع، ولكن باقتناع بأن الجميع لهم حق في مياه النيل.