الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

فرنسا.. التلقيح الإجباري خيار وحيد

بالرغم من أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يرفض رسميّاً فكرة التلقيح الإجباري، كما أكد ذلك مراراً في مختلف تصريحاته الإعلامية، إلا أن الفكرة بدأت تشقُّ طريقها بطريقة مقنعة لتطال فئات معينة مثل الطواقم الطبية.

ماكرون ليس وحده الزعيم السياسي الذي يرفض نظرية إجبارية اللقاح، إذْ لا أحد من زعماء العالم انطلاقاً من أمريكا مروراً بالصين إلى روسيا والعالم العربي فرض هذه الآلية على شعبه.

ويبدو أن الأسباب لها علاقة مباشرة بالمعرفة العلمية المتوافرة حول تبعات هذا اللقاح وتداعيات الفيروس، وذلك خوفاً من المسؤولية الجنائية والسياسة، لهذا لا أحد يريد أن يغامر بفرض اللقاح على مواطنيه في حال ظهرت بعد ذلك أعراض سلبية. وفي الذاكرة الوطنية الفرنسية هناك فضائح صحية كسرت مسارات سياسية، وكادت ترمي بهم في السجن، من أشهرها فضيحة الدم الملوث، الذي كان بطلها الأساسي وزير الخارجية السابق الاشتراكي لوران فابيوس.


هذا التخوف المبدئي من المساءلة الجنائية لا يمنع هذه الدول، ومنها فرنسا، أن تحاول إقناع المواطنين من اللجوء إلى اللقاح كأحسن وأنجع وسيلة لمحاربة هذا الوباء، خصوصاً في صُوَرِهِ المتحورة التي أصبحت في عدة مناطق توحي بقرب قدوم موجة رابعة لهذا الفيروس.


وفرنسا كباقي الدول المعنية بمحاربة انتشار الفيروس، تتجه نحو فرض إجباري مقنع للتلقيح، ولا شك أن فكرة الجواز الطبي الذي يتوجب على كل مواطن امتلاكه إذا أراد السفر خارج فرنسا وسيلة فعالة لإقناع الفرنسين بأنهم إذا أرادوا العودة إلى حياة طبيعية فعليهم التوجه إلى مراكز التلقيح.

في هذا الإطار نشب جدل صاخب في فرنسا حول ضرورة أن يتم تلقيح كل الطواقم الطبية التي تتعامل مباشرة مع المرضى، وكم كانت المفاجأة كبيرة لدى الفرنسيين عندما اكتشفوا أن نسبة عالية من هذه الطواقم الطبية ترفض التلقيح، وهذا مكلف نظرياً وأخلاقياً لإقناع الفرنسيين بنجاعة هذا التلقيح للحد من انتشار الفيروس، ومحاولة العودة إلى حياة طبيعية.

ولتجاوز هذه العقبة تفكر الحكومة الفرنسية في اللجوء إلى صياغة قانون يرغم بموجبه كل الطواقم الطبية على أخذ اللقاح، وستكون سابقة في هذه المجال، قد تتبعها محاولات مماثلة لجعل اللقاح حلاًّ ضروريّاً لمواجهة تحديات انتشار الفيروس، ولا شك أن النبرة التحذيرية الدراماتيكية التي تتبنَّاها حالياً الحكومة هدفها الأساسي إقناع الرافضين للقاح بتغيير مقاربتهم.