الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الحكومة التونسية.. تسليم الشعب للوباء



الأرقام التي أفرجت عنها وزارة الصِّحة التونسية طيلة الأسبوع الماضي، المتعلقة بتفشي وباء كورونا (حوالي عشرة آلاف مصاب يوميّاً) ليست سوى إدانة للوزارة نفسها، وهي أيضاً قرينة دامغة على فشل حكومة هشام المشيشي وحزامها السياسي.

لقد خاضتْ كل دول العالم حربها ضد تفشّي الوباء، بجبهة وطنية موحدة، ووضعت قضية التصدي للكلفة البشرية والاقتصادية لكورونا في صدارة أولوياتها، ونجح أغلب دول العالم، ولو بتفاوت، في أن تحاصر الفيروس وتقلل من آثاره، أوّلاً عبر سياسات علمية دقيقة حاولت التوفيق بين صحة الإنسان واقتصاد البلاد، عبر الحجر الصحي المدروس، وثانياً من خلال تعميم التلقيح، ولذلك نلاحظ أن أغلب المجتمعات بدأت في العودة التدريجية إلى النسق الطبيعي للحياة، ولعل الفعاليات الرياضية التي تنتظم أمام حضور جماهيري كثيف مثال دقيق على ذلك.


لم تخض تونس حربها على كورونا في جبهة وطنية موحدة، وكانت مفارقة تونسية أن تتقدم الصراعات السياسية على الحفاظ على حياة البشر.


وصل المشيشي إلى رئاسة الحكومة في شهر سبتمبر الماضي، وكانت الأرقام الاقتصادية أقل سوءاً من اليوم، وكان الوضع الصحي تحت السيطرة، لكن الرجل، سليل فكرة حكومة الرئيس، انتقل بسرعة إلى أحضان حركة النهضة وحلفائها، وأكد انطلاقاً من شهر يناير الماضي أن الحرب على كورونا لا تدخل ضمن حساباته، لأنه ركَّز، وقتها، على تعديله الوزاري المملى عليه من حركة النهضة بغاية فرض إشراك حزب قلب تونس في الحكومة.

كان التعديل الوزاري طاغياً على حسابات النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، وعلى مشاريع المشيشي بوصفه أداة تنفيذ، ولذلك أدارت الحكومة وحزامها ظهرها لانشغالات الشعب الذي كان يطرح أسئلة لا تملك الحكومة أجوبة شافية عنها، كما كان يصوب أنظاره صوب معادلة صعبة، هي: كيف نوقف زحف الفيروس دون المساس بأرزاق الناس؟ المثير في التعامل الحكومي أن الأمر لم يتوقف عند إهمال تلك الحرب، أو خوضها دون تخطيط أو برمجة، بل إن تلك الحرب استعملت في المعركة السياسية ضد الرئيس قيس سعيد، على ذلك لم تكن الأطراف السياسية الحاكمة مقصرة فقط في التصدي للوباء، بل إنها أسهمت بمعاركها على المناصب في مزيد تفشيه.

سلمت حكومة هشام المشيشي شعبها للوباء، غير آبهة بما تعنيه أرقام الإصابات والوفيات من أثمان باهظة لدى الشعب الذي لن يغفر لها تحويل الحرب على الوباء إلى سلاح في معارك المواقع.