الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

دلالات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

أعلنت قوات الناتو أنها ستكمل انسحابها من المناطق الأفغانية بحلول 11 سبتمبر 2021م، أي بعد مرور 20 عاما على الغزو الأمريكي لأفغانستان وانخراطها في حرب ضد جماعات القاعدة وطالبان، توصف بأنها الأطول في تاريخ أمريكا، ولن يبقى إلا بضع مئات من الجنود الأمريكان ومن عدة جنسيات أخرى لحماية مطار كابول، والسفارة الأمريكية في أفغانستان.

وكان القرار قد جرى التمهيد له طويلاً عن طريق محادثات السلام (التاريخية) بين أمريكا وجماعة طالبان، من جهة، وجماعة طالبان والحكومة الأفغانية، من جهة أخرى.

أسفرت عن الاتفاق على مغادرة جميع القوات الأجنبية من المناطق الأفغانية، وعلى تسوية المشكلات بين الفرقاء، كما أعلنت الحكومة الأمريكية أنها بصدد ترحيل عشرات الآلاف من المترجمين الأفغان، وعائلاتهم، الذين عملوا مع الجيش الأمريكي طوال فترة الحرب، وذلك خوفاً من قيام جماعة طالبان والقاعدة بالانتقام منهم ومن أسرهم بعد تجردهم من الحماية العسكرية الأمريكية.


العديد من المحللين ومن وسائل الإعلام الغربية يصفون إعلان انسحاب الناتو من أفغانستان بأنه تسليم (رسمي) لأفغانستان إلى يد طالبان بعد حرب دامية راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأفغان والآلاف من الجنود الأجانب والأمريكان بالدرجة الأولى.


وعلى الرغم من الاتفاقات الموقعة التي تعهدت بها جماعة طالبان للأمريكان وللحكومة الأفغانية، بالجنوح نحو السلم، إلا أنها شنت عدة هجمات ضارية ضد العاصمة كابول وعدة أقاليم أفغانية أخرى، ما قد يعني أن طالبان تعمل تدريجياً على الحلول محل القوات الأجنبية، وهو ما يخالف اتفاقاتها وما قد ينجم عنه عودة الحرب الأهلية الأفغانية بصورة أشد شراسة ودموية من تاريخها السابق لعقود، كما يتكهن العديد من المحللين.

انسحاب قوات الناتو، وخصوصاً القوات الأمريكية، لا يخلو من دلالات كثيرة حول أهداف الحرب الحقيقية، ومشاريع المرحلة المقبلة لتلك الرقعة الجغرافية، كما لا يخلو من عبر ودروس علاقة القوى الغربية بالجماعات الإسلامية المتطرفة، فالسردية الأفغانية الطويلة لتاريخ الجماعات الجهادية فيها تشير إلى حالة تفاهم صاخب بين الغرب والجماعات المتطرفة، فأغلب تلك الجماعات تأسست بدعم غربي، مثل القاعدة، ثم دخلت في خلاف وحروب طاحنة مع الغرب، ثم انخرط الفريقان في مفاوضات وتفاهمات، انتهت بتصريحات طيبة من كلا الطرفين تجاه الآخر.

التاريخ يعلمنا ألّا صراع حقيقي بين الغرب والجماعات المتطرفة في منطقتنا، ولكنها اختلافات في وجهات النظر، تأخذ منحى قاس أحيانا، وتنتهي بالاتفاق المشترك الذي يحقق مصالح كلا الفريقين.