الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

التداعيات المحتملة في زمن العبث

بين المعقول واللامعقول وفق تصور يضع المعقول في محك التساؤل النقدي في أمور البشر، وحول الفكر وعرض الذات للمجتمع، ليس لإقصاء الآخرين بل احتراماً لتقاليد ترتبط بالمجتمع المتقدم، لها أهمية بالغة في النهضة ورفض الأنانية واستغلال اللطفاء، عليه يجب أن يكون تقديم النفس لغرض استعراض الإنجازات المتراكمة للفرد معياراً للاختيار من خلال الاختبار في أي مجال مهما كان الموضوع.

تثير العادات الحضارية والثقافية في المجتمعات المتقدمة مسائل للمنافسة الحرة التي تتطلب من الفرد تقديم كل ما هو وارد في مسيرته من الخبرة والعطاء بمبدأ «تحدث لأعرفك»، لأنه في معظم الحالات من النادر أن يقوم شخص آخر بذلك بسخاء، في هذا السياق التداعيات المحتملة في زمن العبث لا تبنى على المحسوبية، بل على الخبرة التراكمية.

إن أهمية عرض الذات في الحياة اليومية بشكل احترافي تتجلَّى في إدراك الفرد لما يمتلكه من المعرفة في مجال ما، إدراكاً تاماً بتفاصيلها الدقيقة مع إمكانياته الخاصة في استخدامها وتفعيلها للمنفعة العامة، مقابل تقييم يرتقي إلى مستوى المحتوى الفرد، والذي حتماً سيكون إضافة نوعية في موقعه في المضمار الذي يخوض فيه.


في سياق موازٍ، هناك بعض الأشخاص الذين يرغبون في احتكار كل شيء دون إمكانات أو قدرات أو معرفة إلا من خلال المحسوبية، والمحاصصة التي تغدق بالمخصصات السخية لمن يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة، ومن هؤلاء الأشخاص الذين ينددون بصاحب الخبرة عندما يطالب مقابل عمله، ويستنكر سلوكه الذين يستغلون المقربين منهم لمجرد كونه طيباً أو يريد تقديم المساعدة.


يعاني كثيرون من استغلال البعض لهم من خلال تقديم الخدمات، أو تجيير النجاح لهم، أو باقتناص الفرصة للسمسرة من الزملاء والأقارب والشركاء غير مكترثين للعلاقة التي ينبغي أن تكون تشاركية، وغالباً ما يبررون تصرفاتهم تلك بأنها «فهلوة» وتصبح مرارة عندما يتجسد ذلك على مستوى الصداقة من جهة، وعلى الصعيد الرسمي من جهة أخرى.

ويعتبر الأباطرة استغلال لطف الآخرين عملاً «فهلوي» غير مبالين بأنه عمل مخالف للأخلاق والإنسانية، وهو فعل انتهازي ضمن التداعيات الممكنة في زمن اللامعقول، وتبدو المشكلة واضحة في المجتمع عندما يعتقد الانتهازي أنها «شطارة»، وَيفْتِك بالجميع، ويأخذ حقوق كل المجتهدين.. هنا يطرح السؤال الآتي: هل لعرض الذات والمنافسة الحرة في عالمنا مكانة يمكن أن تصبح مؤسسية من حيث التوقعات النمطية؟