الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«سدّ النهضة».. ماذا بعد مجلس الأمن؟

جاء لجوء مصر والسودان إلى مجلس الأمن الدولي للتدخل في مفاوضات سد النهضة، بسبب تعنت الجانب الإثيوبي، الذي لا يزال يصر على المضي في الإجراءات الأحادية التي أعلن عنها، وآخرها الملء الثاني لخزان السد، بما لا يتوافق مع مذكرة التفاهم التي أبرمت بين الأطراف الثلاثة منذ سنوات.

صار سد النهضة الإثيوبي أهم المشكلات التي تقلق الشعبين المصري والسوداني، ولن أبالغ في القول إنها يجب أن تقلق الشعب العربي، وإقليم الشرق الأوسط بأكمله، لأنها لا تهدد فقط الأمن المائي والزراعي والغذائي لمصر والتي تعتبر واحدة من أهم دول الإقليم، بل لأنها تهدد الأمن القومي في المنطقة، وهذا ما صرحت به من قبل أطراف عديدة، ولعل أهمها واشنطن.

الموقف العربي لدعم موقف مصر والسودان إيجابي للغاية، فمنذ أشهر أكد وزراء خارجية الدول العربية في اجتماعهم بالدوحة دعمهم للقاهرة والخرطوم في الخلاف بشأن اعتزام إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة.


وطالب القرار العربي في الاجتماع جميع الأطراف بالامتناع عن اتخاذ أيّ إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية للدول الأخرى دون التوصل إلى اتفاق شامل حول قواعد الملء وتشغيل السد، كما تضمن أيضاً عدداً من التكليفات إلى المجموعة العربية في نيويورك، من بينها البدء في إعادة تفعيل موضوع سد النهضة أمام مجلس الأمن، ولعقد جلسة طارئة للتشاور واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق عملية تفاوضية فعالة تضمن التوصل في إطار زمني محدد لاتفاق عادل ومتوازن، وملزم قانوناً حول سد النهضة، يراعي مصالح الدول الثلاث، وهو ما حدث بالفعل.


كما أعلنت دول عربية عدة عن دعمها ومساندتها لمصر والسودان، مؤكدة أن أمنهما المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي، وأبدت اهتمامها البالغ وحرصها الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي والمفاوضات لتجاوز أي خلافات، ولكن المدهش أن القرارات العربية والنصائح والتوجهات وبيانات الدعم، لم تؤثر على الجانب الإثيوبي الذي واصل تعنته، وأرسل للجانبين المصري والسوداني، متحدياً، بأنه بدأ الملء الثاني.

فالأفضل أن يتدخل الأشقاء العرب بحيث تكون جهود الدعم مركزة في أشياء ملموسة على أرض الواقع - لا سيما أن هناك تعاوناً بين أطراف عربية وأديس أبابا في عدد من المشروعات، لا أن تكون مجرد بيانات على أوراق ثم تذهب إلى طي النسيان.

لا أدري متى ستبدأ جولة المفاوضات المقبلة، ولكني أتوقع ألا تحمل إلا مزيداً من التعنت الإثيوبي، والثبات المصري السوداني على الموقف.