الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

فرنسا.. عقيدة أمنية جديدة في الساحل

لم يكن مفاجئاً إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال قمة دول الساحل، إغلاق بعض القواعد العسكرية الفرنسية، واستعادة نصف عدد الجنود الفرنسيين في الأشهر القليلة المقبلة، فمنذ أن تم الإعلان عن تجميد عملية «بارخان» الفرنسية في منطقة الساحل أصبح هذا الإعلان مسألة وقت، كونه أصبح حتمية استراتيجية.

لكن ما تم الإقرار به خلال القمة الأخيرة، التي عقدت في باريس، أن فرنسا غيرت عقيدتها الأمنية في هذه المنطقة بعد إقرار مقنع واعتراف ضمني بأنها غير قادرة وحدها على خوض الحرب ضد الإرهاب.

لذلك، ولعدة أسباب، من بينها: الخطاب المزدوج لبعض دول الساحل التي ترحب رسميّاً بالتدخل الفرنسي، لكن في الوقت نفسه تصب الزيت على نار العداء الشعبي لفرنسا والفرنسيين، وهي ظاهرة ندد بها مراراً الوئام الفرنسي، طالباً من حلفائه الأفارقة أن يتبنًّوا مواقف متناغمة بين الخطاب الرسمي، الذي يطلب المساعدة العسكرية من فرنسا، والخطاب الشَّعْبوي الذي ندد بحضورها.


اضافة إلى هذا العامل شهدت عدة دول من بينها: مالي وتشاد انقلابات عسكرية، تناقضت مخرجاتها مع التوجهات الفرنسية، إذ أصبحت بعض الدول تفضل التفاوض مع المجموعات المتشددة عوض الانخراط في محاربتها، كما تريد ذلك العقيدة الأمنيَّة الفرنسيَّة.


فرنسا كانت دائماً تضع خطوطاً حمراء فيما يتعلق بمسألة المفاوضات مع المجموعات الإرهابية بحيث ترى أنه يجب ان تبقى مؤصدة امامهم مهما كلف ذلك من ثمن، لكن اليوم بعض الدول تفضل التفاوض واقتسام السلطة، عوض الاستمرار في المواجهة العسكرية.

فرنسا تُعوِّل كثيراً على استبدال عملية «بارخان» الفرنسية المحضة بعملية «طاكوبا» الأوروبية الدولية، وهي في هذا المجال تراهن على مشاركة أوروبية وشمال أفريقية ودول الساحل في هذا التحالف الجديد، الذي تريد باريس مقارنته بالتحالف الدولي لمحاربة «داعش» في منطقة الخليج والشرق الأوسط .

كما تُراهن فرنسا على تجديد طريقة محاربة المجموعات الإرهابية مع التركيز العسكري على منظمتين تعتبرهما خطراً حيوياً على أمن المنطقة، وهما: داعش وتنظيم القاعدة.

كما تريد فرنسا أيضاً محاولة توجيه ضربات انتقائية، قاتلة لقياداتها لمنعها من القيام بعمليات إرهابية استعراضية والاستيلاء على مناطق في الساحل ودول غرب أفريقيا، ما يعني أن إعادة هيكلة قواعدها العسكرية في المنطقة لا تعني الانسحاب بل الاستمرار في محاربة الإرهاب بطرق ووسائل أخرى.