الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

تونس.. النهضة وغضب الشعب

لم تُواجهْ حركة النهضة التونسيَّة منذ تأسيسها مثل هذا المستوى من الغضب الشعبي، وليس مُهمّاً معرفة مدى وعي الحركة بحجم الامتعاض الشعبي من سياساتها، أو بكونه أكثر خطورة من تباينها مع غالبيّة الأحزاب السياسية في البلاد، فالغضب الشعبي يتأسس على محصلة الواقع، في حين يقوم الاختلاف السياسي على التقدير الذي يمكن أن تُدحرجه المصلحة.

الموقف الشعبي الراهن هو حصيلة تراكم سنوات من الحكم، عاين من خلاله التونسيون حجم الخراب الذي صنعته النهضة في البلاد، وتعرّفوا عبره على عدم قدرتها على إنتاج البدائل التي تنفعُ الناس.

المحطة الأخيرة كانت يوم خطب رئيس مجلس شورى النهضة، عبدالكريم الهاروني، أمام عدد من أنصار الحركة، مطالباً الحكومة بتفعيل «صندوق الكرامة» محدداً مهلة تنتهي يوم 25 يوليو الجاري، وإلا فإن ضحايا الاستبداد لن يقبلوا مجدداً أي عرقلة لصندوق الكرامة.


الصندوق الذي طالب الهاروني بتفعيله في أوج الأزمة، يعني حصول أنصار النهضة على تعويض من خزينة الدولة مقابل سنوات السجن التي قضوها زمن النظام السابق.


استشعر التونسيون المسافة الواضحة بين استتباعات الأزمة الصحية والاقتصادية، وبين اتجاهات تفكير حركة النهضة، ففي ظرفية عسيرة موسومة بارتفاع أرقام المصابين والموتى، وتخبط الحكومة في التعامل مع انتشار الوباء، كانت الحركة تفكر في التعيينات وفي تحسين تموقعها في الحكومة وفي تحصيل التعويضات لأنصارها.

كانت كل مواقف النهضة الأخيرة مثيرة للجدل، ومنتجة للحنق الشعبي، ومن ذلك أن دعوة الحركة لتشكيل حكومة سياسية عُدتّ استهانة بدقة المرحلة وحرج الظرف، وهي ضرب من التنصل من مسؤوليتها عن فشل الحكومة في مجابهة وباء كورونا وتفاقم الأزمة الاقتصادية.

الموقف الشعبي من حركة النهضة أدى إلى تشكل وعي عام مفاده أن المشكلة لا تكمن في ضعف الحكومة أو في أداء رئيسها، بل تتمثل في أن فشل الحكومة يختزل بدقة دور النهضة التي تواظب على المناورة في كل الأوقات، ولا يضيرها أن تبحث عن تحسين مواقعها الحزبية في أَوج أزمة تعيشها البلاد.

والثابت أن الغضب الشعبي لا يمكن أن يعالج بحوارات وطنية أو تنازلات أو بحث عن أنصاف حلول، فتلك من مفردات العلاقات السياسية، في حين أن الاحتقان الشعبي حين يصل إلى ذروته سيتحول إلى عاصفة لا تبقي ولا تذر، ولا يبدو أن الحركة الإسلامية واعية بالعواصف المقبلة، أو أنها اتّعظت من تجارب أنظمة استهانت بشعوبها.