الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الفجر الأخير في «باغرام»

في نيويورك وفرجينيا وبنسلفانيا قامت 4 طائرات بأكبر هجوم إرهابي في التاريخ، وهي أحداث 11 سبتمبر المأساوية التي أدت إلى اتهام تنظيم القاعدة المقيم في أفغانستان بالهجوم.

هنا يمكن أن يتوقف الكتّاب طويلاً إذا ما أرادوا قراءة «التاريخ البديل»، ذلك أن واشنطن طلبت تسليم أسامة بن لادن وقادة القاعدة إليها، ولو كانت حركة طالبان قد وافقت وقامت بتسليم المتهمين للمحاكمة في أمريكا، لما قامت حرب أفغانستان التي استمرت عشرين عاماً.

لم تتهم الولايات المتحدة حركة طالبان بالقيام بأحداث 11 سبتمبر، ولكنها اتهمت جماعة إرهابية - غير أفغانية - مقيمة في أفغانستان.


لقد كان قرار طالبان بعدم تسليم أسامة بن لادن أكثر القرارات السياسية حماقةً في القرن الحادي والعشرين، ذلك أن الثمن الذي دفعته أفغانستان من أجل عدم تسليم متهم أجنبي كان فادحاً، لقد قتل قرابة ربع مليون شخص من جراء هذه الحرب الطويلة.


راحَ ربع مليون أفغاني «فداءً» لأسامة بن لادن، وهو ثمن خيالي لحماية شخص كان سبباً في قتل آلاف الأبرياء في أمريكا والعالم، هنا أعلنت واشنطن الحرب على أفغانستان، وفي ستين يوماً تبخّرت حركة طالبان وكأنها لم تكن، ولكن تلاشي الحركة لم يكن المشهد الأخير، إذْ سرعان ما عادت من جديد، كانت العودة بطيئة وهادئة حتى إن معظم العالم لم يكن يعرف بشأن عودة طالبان، ولمّا بدأ الرئيس ترامب التفاوض مع الحركة، ثم توقيع اتفاق سلام في فبراير 2020، كانت صدمة الكثيرين حول العالم من العودة إلى نقطة الصفر من جديد.

ثم كانت المفاجأة التي تضمنها اتفاق ترامب، هي الإفراج عن خمسة آلاف سجين طالباني، والوعد برفع العقوبات الأمريكية والدولية عن حركة طالبان!

في عهد الرئيس أوباما كان الخروج الأمريكي الرئيسي عام 2014، وفي عهد الرئيس بايدن كانت مغادرة آخر جندي أمريكي لقاعدة باغرام الشهيرة، كبرى القواعد الأمريكية في أفغانستان.

قال قائد القوات الأفغانية الذي تسلم القاعدة: لقد غادر الأمريكيون في جنح الظلام، لم يخبرونا، ولقد فوجئنا حين استيقظنا بأنهم غادروا عند الفجر.

كان ذلك هو الفجر الأخير في باغرام، إذْ سرعان ما جرى الحديث عن استعداد طالبان للهجوم، وبينما راح تجار الخردة ينهلون حطام القاعدة، كان الأفغان يتطلعون إلى فجر جديد تعود فيه أفغانستان إلى ما كانت عليه قبل نصف قرن، قبل أن يجيء السوفييت والمجاهدون والطالبانيون والأمريكيون، فجر أفغاني وطني يتجاوز ظلام الحاضر إلى ضوء المستقبل أو ضوء الماضي.