السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

دلالات زيارة «وانغ يي» لدمشق

على الرغم من التحالف الوثيق بين الصين والحكومة السورية طوال أزمتها التي طوت عقدها الأول؛ إلا أنّ الدعم الصيني اتسم خلالها بالدعم السياسي والقانوني؛ ولا سيما في استخدامها «الفيتو» في مجلس الأمن أربع مرات متتالية بوجه كل قرار كان من شأنه إدانة الحكومة السورية، وهو حقٌّ نادراً ما استخدمته «بكين» لاتّصاف سياستها بالحياد، واليوم تعودُ إلى الواجهة بحدثٍ تاريخيٍّ آخر مع دمشق، متمثلاً بزيارة وزير خارجيتها «وانغ يي» ولأول مرةٍ منذ عام 2011، زيارة تحمل في طياتها العديد من الدلائل والرسائل التي يمكن تلخيص أهمها من خلال المستويات الآتية:

أولاً: المستوى القانوني والتشريعي: فتوقيت الزيارة مع اليمين الدستورية للرئيس السوري «بشار الأسد» عقب انتخابات هاجمتها واشنطن والغرب رافضين شرعيتها ونتائجها، يحمل رسالةً للولايات المتحدة وللغرب أجمع بأنّ دولة عظمى مثل الصين تؤكد شرعية الانتخابات وتدعم نتائجها، وأنّ القوة الغربية ليست الوحيدة على الساحة الدولية لتفرض الشرعية القانونية التي توافق إرادتها.

ثانياً: المستوى الاقتصادي: فستعيش سوريا واقعاً اقتصادياً صعباً تحت وطأة عقوباتٍ أمريكية «قانون قيصر» وأخرى غربية لا تقل وطأة عنها، فتأتي الزيارة للوزير الصيني ممثلاً اقتصاد دولته العظمى الذي لا يعترف بشرعية تلك العقوبات، والباحث عن سبل الالتفاف عليها، لتكتسب الزيارة بذلك بعداً سياسيّاً وتحديّاً اقتصاديّاً؛ لا سيما أنّ جدول أعمال الزيارة يتضمن الحديث عن ستة تفاهمات اقتصادية بين الصين وسوريا بحسب «سبوتنيك» الروسية.


ثالثاً: المستوى السياسي: فقد شهدت القضية السورية مؤخراً عدة بوادر دبلوماسية توحي بتفاهمٍ دوليٍّ حول البدء بمساعي الحلحلة بالطرق السياسية القائمة على مراعاة المصالح المشتركة، كالاتفاق الروسي - الأمريكي في قضية آلية إيصال المساعدات الأمريكية، والتوافق على فتح معبر «باب الهوى» الحدودي لها، وكالدعوات الروسية لقوات «قسد» بالعودة إلى الحوار مع الحكومة السورية، فمن غير المستبعد أنْ تكون الزيارة الصينية لدمشق ضمن هذا الإطار لإرساء التفاهمات والحلول الدبلوماسية بين دمشق والقوى الدولية الفاعلة من جهة، وبين الحكومة وأطراف الصراع المحلية من جهة أخرى، بصفتها ضامناً سياسياً واقتصادياً.


لذلك فإنّ زيارة وزير الخارجية الصيني للحكومة السورية ليست مجرد زيارة اعتيادية، بل إنها استثنائية إنْ لم تكن تاريخية؛ لما تحمله في طياتها من رسائل عديدة موجهة لكل الأطراف المعنية بالوضع السوري الراهن ولا سيما واشنطن والغرب.