السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مع التغير المناخي.. كُلُّنا ضحايا

خلفت موجة الأمطار والسيول الطوفانية، عشرات الضحايا وكمية هائلة من الدمار والخراب في شمال غرب أوروبا هذا الأسبوع، ولا يبدو أن هناك منطقة في العالم يمكن أن تتعرض لغضب الطبيعة مثلما حدث في ألمانيا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ.

وبالطبع، ليست المناطق التي شهدت الكارثة مكاناً للانفجار المفاجئ للبراكين بعد فترة من الهدوء الطويل، ولا هي مناطق اعتادت أن تزورها الأعاصير العاتية لتجتاح سواحلها وشواطئها، وليست من المناطق التي تتكرر فيها الزلازل المفاجئة لتأتي على قرى ومدن بأكملها في ثوانٍ.

ثم إن الكارثة وقعت في عزّ فصل الصيف الذي يُفترض فيه أن يكون هادئاً تماماً، ولقد خلفت وراءها الفزع والرعب في أوساط السكان والسلطات الحكومية التي شعرت بالارتباك من هولها.


ومع ذلك، فليس من الممكن مقارنتها بالأعاصير المرعبة التي تضرب سواحل المناطق الاستوائية من بنغلاديش إلى هاييتي، أو مع هزات أرضية مدمرة كالتي تحدث في إيران أو كاليفورنيا أو اليابان حيث تعيش شعوب بأكملها على وقع غضب الأرض والسماء.


ويكمن الفرق في أن هذه الصدمة المفاجئة تحمل في ثناياها عنواناً مختلفاً يتعلق بالتغير المناخي، هذا الخلل الوظيفي العالمي الذي يعمل على تشويه وإفساد الأنظمة العالمية، التي تتحكم بتحقيق التوازن الهشّ بين الجنس البشري وعناصر البيئة التي يستوطنها، وها هو الآن يعمل على ضرب المناطق من العالم المسؤولة عن هذا الخلل بسب كثافة نشاطاتها الصناعية.
ويمكننا أن نلاحظ أن الاقتطاع الجائر لأشجار غابات المناطق المطيرة الاستوائية، التي تمتد من حوض الأمازون وحتى بورنيو، والنشاطات المتعلقة بالصناعات الثقيلة، والتلوث بعوادم محركات السيارات، والاستهلاك المكثف للطاقة، وكلها من الأعمال التي تتم لصالح البلدان المتقدمة بالرغم من أنها الأقل تأثراً بنتائجها المدمرة، وهي السبب الأساسي لحدوث هذا الخلل المدمر.

وأصبح من الواضح، للقاصي والداني، أن الإجراءات التي تم اتخاذها لوضع حدّ لهذه الكوارث، كتلك التي تنص عليها اتفاقية باريس تبدو حتى الآن غير فعالة، وغالباً ما يتم تجاهل الأهداف التي تحددها الاتفاقية. ومن الأمثلة على ذلك أنه من العبث مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري في جو الأرض من خلال التحول نحو استخدام السيارات الكهربائية أو بفرض الضرائب والإتاوات على الانبعاثات الكربونية، لأن مثل هذه الإجراءات لا تعالج المشكلة بكفاءة.

وكل هذه الإجراءات لا تمثل أكثر من محاولة للالتفاف على الحقيقة، التي تقضي بضرورة إجراء تخفيض جذري على استهلاك الطاقة.