الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

حرب باردة صحيّة

في يوليو 2021 تحدث «وليام بيرنز» مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إلى الإذاعة الأمريكية، وقد جاء حديث «المدير» بعد أيام من تعرض دبلوماسيين أمريكيين إلى هجمات صحيّة في فيينا، ليصل عدد الذين تعرضوا لهذه الهجمات من المسؤولين الأمريكيين إلى نحو (20) شخصاً في نصف العام الأول من حكم الرئيس بايدن.

إن من يتأمل الحديث الأول لمدير CIA يجد أن الاهتمام بما يمكن تسميته «الحرب الباردة العلميّة» أو «الحرب الباردة الصحيّة، لم يكن هناك جديد في حديث «وليام بيرنز» بشأن أفغانستان، ولكن الجديد كان بشأن «متلازمة هافانا» و«جائحة كورونا».

في عام 2014 تحدث تقرير لوكالة الأمن القومي الأمريكي عن احتمال وجود «سلاح الميكروويف»، وأنه ربما تمت صناعته عام 2012، بهدف إحداث تلف في الجهاز العصبي للإنسان.


مرّ عامان فقط حتى تم الإعلان عن أول إصابة بسلاح الميكروويف في كوبا عام 2016، ثم توالت الإصابات لتصل في صيف عام 2021 إلى نحو (200) إصابة، وحسب تقرير للأكاديمية الأمريكية للعلوم فإن «طاقة ترددات راديوية نبضيّة» هي السبب الأكثر احتمالاً لما باتت تسمى متلازمة هافانا، حيث يتم تسليط الموجات على الأشخاص المستهدفين، فتبدأ الأعراض بالصداع والضغط، ثم دوار مفاجئ، وضوضاء شديدة للغاية، وبدايات تلف في الدماغ.


أعطى وليام بيرنز جديّة غير مسبوقة لقضية متلازمة هافانا، فعلى الرغم من تشكك بعض العلماء في حقيقة سلاح الميكروويف، فإن مدير CIA قال في حسم: «إن ما تعرض له ضباطنا وموظفو الحكومة هو حقيقي وخطير»، ثم شرح بيرنز سياسات الوكالة لمواجهة ذلك، من الدعم الطبي للمصابين، وزيادة فريق البحث عن السبب والمتسبب في ذلك، وتعيين ضابط رفيع المستوى شارك سابقاً في البحث عن أسامة بن لادن، لقيادة البحث عمّن يقف وراء الهجمات.

هنا نقف عند الملف الثاني للحرب الباردة الصحيّة، حيث انتقد بيرنز الصين لعدم تعاونها في التحقيق بشأن أصل «فيروس كورونا»، وقال بيرنز: لا يمكننا تقديم نتيجة نهائية بشأن ما إذا كان ذلك بسبب حادث في مختبر أم انتقال طبيعي للفيروس.

يحسم بيرنز موقف إدارة الرئيس بايدن من الصين فيصفها بأنها أكبر تحدٍ جيوسياسي منفرد يواجه أمريكا في القرن الحادي والعشرين، وأن أمريكا لم تعد الولد الكبير في الكتلة الجيوسياسية، والأكثر إثارة في حديث بيرنزهو القلق من عنفوان «الثورة التكنولوجية الجديدة»، والتي تريد تغيير شكل حياتنا تقريباً، وإذا كان شخص مثل وليام بيرنز في حالة قلق، فعلينا نحن أن نقلق أكثر.