الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

سوريا.. ومبادرات الحل

على الرغم من الركود العام الذي يحيط بالملف السوري على الساحة السياسية المعقدة، إلا أنّ الأطراف المعنية كافةً تبحث عن الحل الذي يمكن أنْ يراعي المصالح المشتركة للفاعلين على الأرض، بحثٌ لا يخفى على أحدٍ، ولعلّ أبرز مؤشراته تكمن في الهدوء الحذر الذي ينمُّ عن مباحثاتٍ عميقة بين اللاعبين، بالإضافة إلى المبادرات واللقاءات المتواترة بين هذه الأطراف.

وضمن هذا الإطار يأتي لقاء المبعوث الأممي إلى سوريا «غير بيدرسون» مع وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» في موسكو قبل أيام، زيارةٌ قد تبدو اعتياديةً وفق التصريحات المشتركة لأطراف اللقاء، ولكنّ الأمر في السياسة لا يتعلق بالتصريحات الإعلامية فحسب، وعليه فإنّ اللقاء المطول الذي جرى بينهما يوحي بالجديد على الساحة؛ لا سيما أنّ اللقاء جرى متزامناً مع عدة مؤشراتٍ سابقة تؤكد التحرك قدُماً في السير نحو التهدئة والحلحلة المستدامة، كالتوافق الأمريكي الروسي على المعابر الإنسانية، ودعوة موسكو للحوار المباشر بين الحكومة السورية والأكراد، بالإضافة إلى زيارة وزير الخارجية الصيني لأول مرة لدمشق وطرحه لمبادرة صينية من أجل إرساء حلٍّ للقضية السورية.

وضمن هذا الإطار أيضاً تأتي زيارة الملك الأردني «عبد الله الثاني» لواشنطن، وطرحه لمبادرة أردنية فيما إذا كان باستطاعتها استيعاب الملف السوري المعقد، بما يضمن مراعاة المصالح السورية في الوحدة والاستقلال، بالإضافة إلى المصلحة العربية المشتركة وبخاصة لجيران سوريا، وللمنطقة ككل، وأنه لا يمكن للحلّ أنْ يكون ناجعاً دون عودة سوريا إلى الإطار العربي المتمثل بالجامعة العربية، بالإضافة إلى العديد من التصريحات الكثيرة للدبلوماسيين والمحللين الأمريكيين بصفاتٍ رسمية وغير رسمية التي تؤكد ضرورة الإسراع بالحلّ والتوصل إلى تفاهمات مقبولة من الأطراف كافة بما يضمن استقرار سوريا والمنطقة.


إنّ كثرة المبادرات وتتابعها المتسارع زمنياً يؤكدان أنّ الأجواء الدولية ككلّ مهيأةٌ لنشاطٍ سياسيٍّ ودبلوماسيٍّ مكثف في النصف الثاني من العام الجاري لإرساء معالم الحل على طريق الملف السوري وإنْ كانَ بالأحرف الأولى، وعلى الرغم من تشابه التصريحات وانطلاقها من العموميات المكررة، إلا أنّ تواتر المبادرات وتزامنها، يؤكد هذه التحركات المتسارعة كي لا تكون مبادرة ما على حساب مصالح طرف من الأطراف المعنية، الأمر الذي يجعل القراءة الدقيقة لها تفصحُ عن تفاهماتٍ دوليةٍ لصياغةِ حلٍّ يكون عنوان المرحلة المقبلة.