الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المنطقة.. وانتقائية واشنطن

في الوقت الذي أظهرت فيه الولايات المتحدة، انخراطاً في قضايا شرق أوسطية، على رأسها الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وإيران وبشكل أقل الملف العراقي، إلا أنها ما زالت بعيدة عن ملفات أخرى مهمة مثل الملفين اللبناني والسوري، رغم أنهما يشكلان معاً قنبلة موقوتة قد تُفجر وضع المنطقة برمتها.

ما يحدث في لبنان وسوريا، لا يمكن فصله عن ملفات إقليمية أخرى، وأية جهود أمريكية في المنطقة لن يُكتب لها النجاح إذا لم تراعِ شمولية القضايا وترابطها، لما تتسم به صراعات الشرق الأوسط ومشاكله من تداخل للوضع المحلي والخارجي، وتشابكهما بطريقة لا يمكن معها حلحلة أي مشكلة على حدة، هذا إلى جانب المصالح المترابطة بطريقة تجعل من بعض الملفات أوراقاً يتم اللعب بها على طاولة المساومات الدولية.

واستمرار الموقف الأمريكي إزاء الملف اللبناني، وتركه مفتوحاً على مصراعيه، يشكل تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي والدولي، وهو موقف مشابه إلى حد ما لموقف الإدارة الأمريكية من الملف السوري إبان رئاسة أوباما، فما يحدث في سوريا حالياً من تدخلات وتهديد واضح لوحدة أراضيها، ما كان له أن يحدث لو مارست واشنطن دورها الذي تفرضه عليها قيادتها للعالم.


استقرار لبنان مرتبط عضوياً باستقرار سوريا، وكلا الملفين مرتبط بملفات أنقرة وطهران وبغداد، وجميع هذه القضايا متشابكة مع دول الخليج العربي ومصر والأردن، وبمعنى آخر فإن التداخل الإقليمي أشبه بجسد الإنسان، إذ لا يمكن علاج أي عضو منه دون مراعاة تأثيرات ذلك على بقية الأعضاء، ومدى قدرتها على التحمل.


الإدارة الأمريكية الحالية انتقائية في تعاملها مع الملفات، وهناك انخراط فرضته الظروف لا مبادرة من واشنطن، منها ملف الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فلولا تفجر الوضع لما تحركت أمريكا، وهذه الانتقائية والتركيز على ملفات ودول بعينها سياسة عوراء، وستصل بالمنطقة إلى وضع أسوأ مما وصلت إليه خلال رئاسة أوباما، فالسياسة الدولية وتحديداً قضايا الشرق الأوسط محكومة بمعطيات راسخة منذ عقود، والترابط الحاصل بين الملفات ليس بذلك الترابط القائم على المصالح فقط، فهناك أيديولوجيات وتنظيمات وجهات تابعة وأخرى مسيطرة، ناهيك عن أذرع ووكلاء وقوى عسكرية عابرة للحدود.

باختصار، إن أمريكا إذا ما أرادت فعلاً دعم استقرار الشرق الأوسط فعليها وضع رؤية شاملة تضمن موازنة المصالح الإقليمية، وتعالج شواغل الدول الرئيسية في الإقليم، وفي ذات الوقت استخدام الدبلوماسية الخشنة تجاه المعرقلين لحلحلة بعض الملفات كونها لا تشكل لديهم أكثر من أوراق مساومة وضغط.