الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الذائقة الإنسانية.. بين السلامة والزيف

إنّ الذائقة وإن رُدَّتْ إلى أصلها، فهي متتابعة ومتغيّرة ولها تجلياتها ومدخلاتها في الوعي الإنساني، وهناك كثير من التراكمات التي تسهم في رفع من مستوى تلك الذائقة الإنسانيّة.

طرأ على الإنسان المعاصر تغيير نوعي لذائقته، ولا سيما أنّ لكلّ جيل مركز اهتمام تحدّده ضرورات الحياة، كما لا بدّ للإنسان المتحضّر أن تكون له ذائقة لها نسق خاص ومتجدّد، لكن ما البيئة التي تصقل هذه الذائقة؟ وكيف بإمكان المرء أن يؤسّس لذائقة ناضجة قادرة على تصحيح واقعه؟ وما الأفكار الخلّاقة التي تسهم في الارتقاء بها بوعي يميز بين الغث والسمين؟

الوعي- عموماً- عبارة عن أفكار ووجهات نظر ومفاهيم متوازنة عن الحياة من حوله، وإذا زُيّفت أحد أركان هذه المبادئ أصيبت الذائقة بالخلل.

لقد عانت الأمّة من آثار التزمّت الديني ما أجهز على وعيها، وأحاطه بالجمود والتعصّب المقيت، وهو ما أخلّ بمعايير الذائقة الجمعية من خلال تعبئه العقول الطريّة وتكبيلها بمفاهيم الغلو والكراهية للمختَلف معه، فتعطّل كلّ ميزان للذائقة العربيّة المسلمة وابتعدت عن كلّ الاعتبارات الإنسانيّة والغايات النبيلة، واحتلّ بدلاً منها مفهوم التديّن الطائفي وإشاعة التشدّد والعنف، ومن ثمّ أضعف من الحسّ الإنساني، وطغت ممارسات القتل وهلك الحرث والنسل بما يتنافى مع الفطرة السليمة، وما نعانيه الآن من كوارث وإرهاصات دمويّة هي نتاج خلل في الذائقة الإنسانيّة في وعي المسلم.

فالذائقة الواعية والنيّرة تتطوّر وتتّسع بحسب نمو وتجدد وعينا وتحضّرنا، وكيفية استفادتنا من الثقافات الأخرى، ومدى الاعتدال والوسطيّة في تديننا وأفكارنا ومفاهيمنا، ولا سيما صياغة رؤاها يبدأ في البواكير الأولى من التنشئة، ليتشكل لدينا حسّ إنسانيّ عالٍ.