الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الرئيس قيس سعيّد..الفعل لا المسمى

بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي يمر عام كامل عليه اليوم، سئل الرئيس اللبناني ميشيل عون عن مدى علمه بوجود مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم بالمرفأ، وما تشكله من خطورة على بيروت بأكملها، أجاب: «كنت أعلم لكن ليست لديَّ سلطة»!

بالتأكيد كانت الإجابة صادمة لكل عربي، فالرئيس بنظر الشارع والمواطن العربي قد لا يعلم عن كل ما يجري، لكن لديه السلطة والقدرة على التدخل في أي موضوع، خاصة إذا تعلق بتهديد ساحق للعاصمة، أي أنه ليس مسؤولاً عادياً، يعلم بالأمر ويبلغ السلطات العليا.

الرئيس التونسي قيس سعيد، لم يقبل لنفسه أن يكون في موقف، أرى وأعرف، لكني بلا سلطة وبلا اختصاص، فقرر أن يبادر وأن يفعل، خاصة بعد مظاهرات المواطنين يوم 25 يوليو، يطالبون بالإصلاح وبالتطهير، فقد تألم الشعب وازدادت معاناته، أوضاع اقتصادية تسوء، عجز حكومي، فشل ذريع في مواجهة كوفيد-19، والنخبة الحاكمة تتصارع على النفوذ، نهب عام لمقدرات الدولة، اللصوص معروفون بالاسم، لكن يصبغ أعضاء في البرلمان الحماية عليهم.. رأى الرئيس أن الثورة التونسية تسرق ممن أسماهم هو «لصوصاً» يحتمون بالحصانة النيابية.


سعيّد جاء من الشارع وليس من فصيل حزبي ولا تيار بيزنس الدين والتدين، أي ليس مديناً لمراكز القوى والنهب بشيء، والواضح أن ليس في سجله من يحرجه، باختصار ليس لديه ما يصيبه بما يسمى «كسر العين»، وهكذا تعامل بثقة واعتزاز، لديه كبرياء حقيقي وظل ولاؤه للشارع والوطن، لا لمرشد عام أو أعلى، وهكذا تدخل بحسم وبقوة، فوجد المساندة من الشارع ومن مؤسسات الدولة، ومن الجوار العربي، صحيح أن أهل مكة أدرى بشعابها، ولا يصلح التدخل في شأن تونسي خاص، لكن الأخوة العربية تفرض التضامن ومساندة أي بلد عربي في أي أزمة، مضى الرئيس في خطواته، بينما راح الآخرون يفتشون عن مسمى لما قام به والقرارات التي اتخذها، الغريب أن سعيّد أستاذ قانون دستوري، أي رجل أكاديمي، مفترض أن ينشغل بالمصطلحات والتسميات، بينما خصومه، يفترض أنهم جاؤوا من الشارع، ينشغلون بالواقع وقضيتهم الفعل على الأرض، لكنهم تركوا كل هذا وتخندقوا، حول الفزاعة الغريبة المسماة «انقلاب»، يتصورون أنهم سيُجيشون قوى الغرب ضد قرارات الرئيس، الذي يحاسب فقط من الشعب وأمامه، لكنهم كالعادة بهم، كانت أول خطوة لهم الاستنجاد بالغرب واستدعاءه، بمحاولة تدويل أي قرار داخلي، خاصة إذا تعلق بالحد من فسادهم وتسلطهم.