الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

تونس.. نحو تعديل الدستور

يتجول الرئيس التونسي في شارع الحبيب بورقيبة رافعاً يده بعلامة النصر، في إشارة واضحة إلى أن الرجل قطع الشوط الأطول من مسيرة تغيير النظام السياسي الذي جاء به عام 2019.

في سلسلة من المقالات السابقة حول الوضع السياسي التونسي شرحنا فيها أن أستاذ القانون الدستوري لديه ما يقوله، لكنه يسير بكل هدوء وثقة نحو تفكيك شبكة النفوذ السياسي للمحيطين به وعلى رأسهم حركة النهضة، وذلك من خلال الهجوم غير المباشر وتعريتهم شعبياً دون أن يذكرهم بالاسم، ما يدلل على أن قيس سعيد وإن كان بلا حاضنة سياسية حزبية إلا أنه مقدم بلا تردد على تحقيق ما يصبو إليه، ويبدو أنه ذاهب إلى الخطوة الأهم، وهي تعديل الدستور بما يفضي إلى تغيير طبيعة النظام من برلماني إلى رئاسي.

قيس سعيد لديه اليوم حالة عارمة من الثقة بعد القبول الشعبي الذي حظيت به إجراءاته الأخيرة، الأمر الذي يعزز من قوته وقدرته على مواجهة خصومه بمختلف انتماءاتهم السياسية، بعد أن أعطى الرئيس درساً في تفكيك منظومة معقدة بَنِتْها حركة النهضة والأحزاب الأخرى متكئاً على الفسيفساء البرلمانية التي أنتجتها الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث لا يمتلك أي فصيل سياسي أغلبية تمكنه من فرض إرادته ورؤيته على الجميع.


الخطوات التي قام بها الرئيس التونسي جاءت في اللحظة التي شعر فيها بأن الوقت مناسب للقيام بالخطوة الرئيسية الأولى، فالمجتمع التونسي أصبح أبعد ما يكون عن الأحزاب السياسية والقناعة الشعبية بدأت تترسخ بأن الأحزاب أصبحت عبئاً على الدولة، وأنها تتصارع من أجل مصالحها ونفوذها لا على مصلحة التونسيين، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المرهق والتدهور الكبير الحاصل جراء جائحة كورونا، وهذه العوامل كلها سرعت من خطوات الرئيس لقناعته بأن اللحظة مواتية وقد لا تتكرر مستقبلاً.


قدرة الرئيس التونسي على خوض معركته السياسية والصدمة التي أحدثها لم تستوعبها التيارات التونسية وفي مقدمتها حزب النهضة الذي لم يجدد ما يبرر به فشله واضمحلال قاعدته الشعبية إلا عبر شماعة التدخلات الخارجية الداعمة لقيس سعيد وإجراءاته.

الخلاصة أن استاذ القانون الدستوري وقبل أن يضع قدميه في قصر قرطاج لديه رأي خاص به حول الدستور التونسي ولن يتوقف حتى ينفذ ما يسعى إليه، خاصة وأنه تمكن من بناء حاضنة شعبية مؤيدة لهذا المسعى، وسيواصل المسيرة خطوة خطوة إلا إذا كان المجتمع الدولي لديه رأي آخر.