الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الإنكار السياسي

«الإنكار».. حيلة دفاعيَّة شائعة بين الناس، والفرد نفسه يميل لإنكار ما به من عيوب، أو قصور، أو ما يقابله من فشل، كما أنه يعدُّ تقنية دفاعية تعمل كحاجز بين الشخص وما لا يستطيع مواجهته.

إذاً الإنكار أحد ردود الفعل البشرية المعروفة، والتي قد تظهر كرد فعل فردي على مشكلة شخصية أو حتى رد فعل جماعي في حالة وقوع مجموعة بالكامل تحت إحساس كاذب بالقوة، أو تضليل في مرحلة تالية.

ولا أظنني متجاوزاً لو اعتبرت أن جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين هي نموذج واضح يصلح كدراسة حالة عن مرض الإنكار المدمر لأصحابه، وهذه الجماعات عانت المرض في وقت القوة والتمكن وفي وقت الانحسار والهزيمة، والغريب في الأمر أن النتيجة مع اختلاف الممارسة واحدة، وهي في النهاية نتائج تدميرية.


عندما تمارس هذه الجماعات السلطة وتحكم قبضتها في أمور البلاد والعباد فإنها تتسبب في إفساد الحياة على الجميع، وتظل تنكر الواقع الذي كشف عن تسببها في انهيار الدول أو دفعها لذلك.


قادة تلك الجماعة ينكرون معاناة الناس ويتملكهم العند فيكفر الناس بهم وبسياستهم، ثم يكشفون وجههم الحقيقي وتوجهاتهم وانتماءاتهم، فهم يعيشون حالة إنكار مرضي.. يرفضون تصديق أن أحد أسباب سقوطهم معاندة الناس والواقع وسوء الإدارة الحكومية الفاضح والصارخ، وأيضاً عجزهم عن تحقيق أدنى درجات التعايش والتعددية مع القوى السياسية.

من ناحية أخرى، يُصابون بحالة من عمى النظر والبصيرة، ما يجعلهم عاجزين عن قراءة ما يحدث أمامهم وما عملته أيديهم، قراءة سياسية عاقلة واعية بمخاطر ما يفعلون بأيديهم، رغم نصائح كثيرة سمعوها من أصدقاء لهم وأصحاب مصلحة معهم، وقد حذروهم مسبقاً من هذه الأخطاء، لكنهم لم يدركوا أن قيادة جماعة نشأ أعضاؤها على السمع والطاعة، مسألة تختلف تماماً عن قيادة شعب.

هذا السلوك المرضي الذي يرفض أن يرى الشمس في رابعة النهار، ولا يزال يراها في «ميدان رابعة العدوية»، هو من أجل الحفاظ على سلامة وعيهم، وذاكرتهم وحماسهم وحبهم ودينهم وتاريخ ذكرياتهم لا حفاظاً على صورة الإخوان كتنظيم.

الإنكار ميكانيزم دفاعي وحيلة نفسية، من الممكن أن يصاب بها فرد، ولكن أن تصاب بها جماعة بأكملها فهذا هو الغريب والعجيب، والمدهش، أن يصل الإنكار إلى درجة تعطل الحواس، فلا يرون ولا يسمعون إلا أنفسهم.