الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تونس.. أسئلة المستقبل

قناعة راسخة تسودُ فئات واسعة من الشعب التونسي، مفادها أن البلاد لن تكون في المستقبل القريب في أفضل حال، لكنها ستكون، بالضرورة، في حال أفضل من المرحلة السابقة.

قناعة دفعت التونسيين إلى الشوارع، وحثَّت الرئيس قيس سعيّد على الاستجابة، وأجبرت غالبية الأحزاب والشخصيات الوطنية على الركون لتلك القرارات، وفرضت على العالم احترام القرار التونسي، لكن ذلك لا يحول دون طرح أسئلة المستقبل بعد التيقُّن من طيّ صفحة الإخوان المسلمين في تونس.

أسئلة المستقبل التي تُطرحُ في تونس هي أسئلة بعمق الخراب الذي تركته منظومة الحكم السابقة، ورغم الوعي التونسي بحجم الورشة التي يفترض فتحها لمباشرة إصلاح أوضاع البلاد، فإن ذلك لم يحُل دون تقديم انتقادات للتعاطي الرسمي مع مرحلة ما بعد الإخوان.


بل إن انتقادات كثيرة توجهت إلى التراخي في إنهاء منظومة الإخوان، وفق ما هو متاح من الآليات القانونية والدستورية.


وفي انتقاد التعاطي الرسمي مع المرحلة الجديدة دعوة مضمرة لترتيب الأولويات، وأولها تشكيل الحكومة التي ستباشر ملفات أساسية هي الاقتصاد والصحة والأمن ومكافحة الفساد، وهي القطاعات الأكثر تضرراً من منظومة الحكم السابقة التي أوصلت اقتصاد البلاد إلى حافة الإفلاس، وحوّلت صحة المواطنين إلى مجال للتوظيف السياسي، واختصرت أمن البلاد في حماية منظومة الحكم، واتخذت من مكافحة الفساد باباً للمقايضة والابتزاز والتدجين.

التعقيد الذي يسم الأزمة التونسية، يفرض على الرئيس التونسي أولاً أن يشكل حكومة إنقاذ تباشر الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية الحارقة، مع الإسراع في وضع خريطة طريق تنهي الفترة الاستثنائية، بما يعني إنهاء منظومة الحكم السابقة، وقطع الطريق أمام محاولات تسرّبها إلى المرحلة الجديدة، وفق مفردات جديدة أو تنازلات تكتيكية.

تتخذ قرارات 25 يوليو الماضي أهمية قصوى لمستقبل تونس، ولمستقبل الإقليم والمنطقة بأسرها، ولذلك فإنه من المهم أن تجترح الطبقة السياسية الجديدة حلولاً دقيقة توفق بين إيلاء القضايا الاقتصادية والاجتماعية والصحية ما تستحقه من عناية، وبين محاسبة من أذنب في حق البلاد والعباد، بما يقطع مع ثقافة الإفلات من العقاب التي تم تكريسها في سنوات حكم النهضة.

عايش المواطن التونسي عمق الأزمة في قوته وصحته وأمنه، فخرج متظاهراً ضد النهضة، وعندما يتلمس إرادة حقيقية في إصلاح الخراب الذي تركته النهضة في تونس، فإنه سيعلن القطع النهائي مع زمن الإخوان، ولذلك فإن الرئيس التونسي لا يملك ترف الانتظار أو التردد.