الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الفشل والرئاسة.. والرؤوس الثلاثة

مع بدايات القرن الحالي، كثر الحديث في المنتديات النخبوية العربية عامة والمصرية تحديداً عن تعدد اختصاصات رئيس الجمهورية في النظام العربي، وراح بعض الباحثين يعددون تلك الاختصاصات، كان لافتاً أن بين هؤلاء بعض المقربين من الرئاسة المصرية وقتها، ولأن هؤلاء كانوا على غير دراية بالأمور الإدارية، لم ينتبهوا إلى أن كثيراً من هذه الاختصاصات يفوض الرئيس فيها رئيس الوزراء أو الوزراء والمحافظين، كل بحكم موقعه، وبدلاً من ضبط أو توزيع الاختصاصات، اتجه الفكر إلى حل كارثي، وهو تعجيز الرئيس وتكتيفه بخلق رئاسة موازية، وإن شئنا الدقة رأس موازٍ، بل رؤوس موازية، دون تحديد قواعد وحدود لكل منها، لينتهي الأمر بالعجز عن اتخاذ أي قرار أو خطوة، والحق أن تلك الفكرة لم تكن جديدة، فقد طبقت مبكراً في لبنان على أساس طائفي، وطبقت قبلها في مصر زمن الاحتلال البريطاني، فكانت هناك سلطة الخديوي أو الملك، وسلطة المعتمد البريطاني ثم سلطة البرلمان والحكومة.

يمكن أن نتأمل كارثية هذا الوضع زمن الخديوي عباس حلمي، ثم مع الملك فؤاد ومن بعده ابنه فاروق، تلك الصيغة فشلت تماماً، واتضح الفشل في أكتوبر 1951، حين ألغى النحاس باشا رئيس الوزراء معاهدة 1938 مع الإنجليز، دون حتى إحاطة الملك فاروق علماً، ناهيك عن ضرورة موافقته، ورد الإنجليز على هذه الخطوة بدفع عناصرهم لإحراق القاهرة في يناير 1952، بما أفقد الملك والنظام الملكي كله شرعيته، وعمت الفوضى وساد العجز السياسي، وفتح الباب لتحرك الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952.

صيغة الرؤوس الثلاثة في الدولة، جرت إعادة استنساخها في العراق بعد الإطاحة بالرئيس صدام حسين، وفي مصر جرت المحاولة نفسها بعد حسني مبارك، وحدث الأمر نفسه في تونس، الرئاسات الثلاث تعني إصابة الدولة بالشلل التام أو وضعها داخل «ديب فريزر».


النموذج أمامنا في لبنان، عام كامل على انفجار المرفأ في بيروت، ولم يحدث أي شيء، عجز حتى عن تشكيل حكومة جديدة، تونس كانت تتحرك نحو مصير مشابه، لولا أن الرئيس قيس سعيَّد تحرك بجسارة لإنقاذ الدولة وحماية المواطنين، الذين منحوه ثقتهم.


التخوف من تغول إحدى سلطات الدولة مشروع، ويجب الحيلولة بالقانون دون حدوثه، لكن الحل ليس خلق أوضاع تربص، تصيب الدولة بالعجز والتفتت، بما يدفع المجتمع نحو اللادولة أو الفوضى غير الخلاقة.