الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الإسلاموفوبيا.. سيف ذو حدين

لا يتوقف الحديث عن مخاوف مستقبل الإسلام والمسلمين في أوروبا، سواء من طرف السياسيين الأوروبيين وحكوماتهم، أو من الأحزاب السياسية المعارضة، أو حتى من الأوساط الشعبية التي يتم مخاطبتها عن الإسلام بصورة سلبية مخيفة ومشوهة، أو من طرف المسلمين من أصول أوروبية قومية وعرقية، أو من قبل المسلمين ذوي الأصول المهاجرة وأجيالها المتولدة، الذين يتمسكون بهويتهم الدينية المسلمة رغم مرور عقود على هجرة آبائهم إلى أوروبا خصوصاً والغرب عموماً.

هذا الوضع الذي كان يعتبر ثراءً للهوية الأوروبية في نظر الأوروبيين أصبح هاجساً مخيفاً وقلقاً من كل الأطراف، وبالأخص من أبناء المسلمين الذين أصبح التعرض إلى مساجدهم ودور عبادتهم ومدارس أطفالهم ومهاجمتهم في الشوارع سمة ظاهرة في السنوات الأخيرة، فالهجمات على المساجد في أوروبا بسبب الكراهية الدينية، أو الإساءة بالرسومات العدائية أو التهديدات الإرهابية، ليست في مصلحة أحد من الأوروبيين بغض النظر عن أديانهم وطوائفهم ومعابدهم، وما يزيد من القلق أنها لا تجد معالجة سريعة من الجهات الأمنية الرسمية، إلا التنديد بها دون اتخاذ إجراءات حقيقية تمنع تكرار هذه الإساءات العنصرية.

هذه الحالة العدائية من بعض الأطراف ضد المظاهر الاجتماعية للمسلمين الأوروبيين ينبغي معالجتها من قبل المنظمات الاجتماعية والفكرية والبرلمانية في أوروبا، ومنع تسييسها من قبل الأحزاب، سواء كانت أحزاباً يمينية أو غيرها، فالإسلاموفوبيا سلاح ذو حدين، بقدر ما يضر بالمسلمين الأوروبيين فإنه يضر بالشعوب الأوروبية عموماً، لأنه يؤدي إلى الانقسامات الاجتماعية كما يؤدي إلى الكراهية الدينية والقومية، وهذا ضد القوانين والحريات الاجتماعية التي قامت عليها أوروبا الحديثة.


لقد مرت الإسلاموفوبيا في مرحلة تشكيل وتصنيع متعمد من قبل بعض الأوروبيين، وقد كانوا في العقود الماضية قلة عددية وشعبية، ولكن تلاعب أحزاب اليمين بالإسلاموفيا في عمليات انتخابية آنية أثار المشكلة في الأوساط الشعبية على نطاق واسع، حتى أصبحت الإسلاموفوبيا سلاحاً ينهش الوحدة الاجتماعية الأوروبية، وهذا ما دفع بعض الحكومات للتدخل قانونياً لفرض قوانين الانعزالية وادعاء حماية العلمانية، ومنع المسلمين من التعبير عن شعائرهم الدينية الاجتماعية، وهذا سيؤدي حتماً إلى الانقسام السياسي بين الشعوب الأوروبية نفسها، ما لم يتم مراجعة المعالجة التي تفصل المعالجة الاجتماعية عن المعالجة السياسية.


إن المعالجة الاجتماعية لتواجد المسلمين في أوروبا هو ما ينبغي الاهتمام به والتركيز عليه، وليس المعالجة السياسية، وبالأخص أنه تم قبوله وتأسيسه على قوانين الحريات الشخصية واحترام حقوق الإنسان والحرية الدينية في العقود الماضية.