الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

استخدام مفاتيح الحضارة

هناك أبعاد مهمة للعلاقة بين الحضارة والتقدم، مثل علاقتها بالحرب وطبيعتها الاستغلالية للبيئة، يمكننا أن نرى عمليتين محتملتين للتدمير الذاتي حيث تؤدي الحضارة إلى زوالها لأنها تفكك نفسها في نوع من دورة الحياة الانتحارية.

يبدو أن العلاقة بين الحضارة والحرب هي علاقة تؤدي فيها الحرب إلى صعود الحضارة، ويشجع التقدم التنظيمي والتكنولوجي بدوره على صنع حرب أكثر دموية وفاعلية، والتي بدورها تؤدي في النهاية إلى زوال الحضارة إما من خلال الإجهاد أو الانهيار الداخلي، لكن هناك وجهة نظر مختلفة للحضارة تدين أكثر للاعتبارات الأخلاقية والمعنوية من الاهتمامات الاجتماعية والسياسية والمادية.

حيث نجد أن الحضارة، بكل بساطة، تتمثل في إعطاء الفرصة للجهود المبذولة لإكمال نهضة الإنسانية وإحراز تقدم من كل نوع في ظروف إنسانية، هذا العطاء هو موقف أو إطار ذهني بقدر ما هو تعبير سياسي أو مادي أو ثقافي عن الحضارة.


لأنه بالضرورة ينطوي على اتجاه مزدوج أولاً، يجب أن نكون مستعدين للتصرف بشكل إيجابي تجاه العالم والحياة، وثانياً، يجب أن نصبح أخلاقيين لأن الطبيعة الجوهرية للحضارة لا تكمن في إنجازاتها المادية فحسب، بل في واقع الأفراد الذين يضعون نصب أعينهم مُثُل الكمال البشري وتحسين الظروف الاجتماعية لجميع الشعوب والإنسانية بمد جسور التواصل للبناء، كما نشاهد في الإمارات العربية المتحدة، فهم الذين انتهجوا هذا النهج، ومنذ البداية تم استخدام مفاتيح الحضارة لتمثيل كل من العملية المستمرة للتحضر وحالة التطور والنهضة التي تمثل تقدماً كبيراً أبلج.


هكذا تنشأ الحضارة عندما يستلهم الناس إصراراً قوياً وواضحاً على التقدم، ونتيجة لهذا التصميم، يكرسون أنفسهم لخدمة الحياة والعالم، فيجب ألّا يضع حداً للفعل الحضاري بإعطائه قوانين صارمة مع إشارة سلبية من جهات غير مطلعة، تطلق العبارات جزافاً على من وعى استخدام مفاتيح الحضارة، و لم يعرفوا طبيعة الفكر الاستراتيجي كنوع من آلية الساعة للحضارة الأخلاقية ما قبل المادية.

بدلاً من ذلك، ينبغي الترحيب به باعتباره شكلاً من أشكال التحفيز للحالة المستمرة للحضارة التي تتطلب نظرة عالمية للآخر، وتوسيع الحق في الحياة والأخلاق المسؤولة، بشكل لا نهائي تجاه الجميع، قد يكون هذا أكثر من اللازم، لكن يجب أن يكون ضرورياً.