السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الاختلاف.. و«الفوضى الهدامة»

يُقال: «الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية»، فبحثت عن وجهٍ أستطيع تطبيقه عليه فلم أجده إلا عبر جملٍ نرددها كلما اختلفنا، وخشينا أن يتحول اختلافنا لمشكلة قد تفقدنا صداقه وزمالة أو مصلحة مشتركة!

هو القول ذاته بأن الأساس هو الاتفاق، وما الاختلاف إلا الحلقة المُكملة، لكن المشهد أثبت أننا متفقون على اختلافنا، بل القاعدة لدى البعض أن ما يفسد الود هو الاتفاق، ففيه تنحية للمصالح الشخصية والتضحية بها في سبيل العامة، وهو ما يتعارض مع المنتفعين الانتهازيين والإقصائيين.

في الفكر، الاختلاف إثراء، وفي السياسة تعدد يعطي الجميع الفرصة لإثبات صدق الخطاب ومصداقيته وصلاحية نظرياته وسياساته.. هذا نظرياً وبأفلاطونية المدينة الفاضلة، لكن في الواقع، وبأعتى الديمقراطيات، لا بد أن يشوب السوء الممارسة، لكنها تبقى في إطار المعقول وما يمكن تجاوزه، لأن السياسيين أولاً وأخيراً بشر يخطئون ويصيبون، ورُؤاهم لن تنال الكمال أو حتى تجاوره.


لسنا بصدد الثورة الفرنسية ولا المقارنة بثقافة الاختلاف بها وما تسببت به، ولن نقدر على تكرار تجربتها، لأنها قامت على الإقطاعية ونبذتها، لكنها سقطت في أتون الصراعات الداخلية سنين طويلة أُذل بها الشعب وعمت الفوضى دهراً حتى استيقظ الشعب قبل فوات الأوان، ليبنوا الديمقراطية العلمانية الأوروبية الأولى بعد أن تسبب الاختلاف بها في خلاف استمر أكثر من قرن، كانت نتائجه وخيمة دفع ثمنها الشعب الفرنسي من أرواح مواطنيه عشرات الآلاف، ليُسطروا للعالم درساً بألا يحذوا حذوهم أو يقتدوا بهم، وبأن يتحلوا بالوعي الكافي ويحكموا العقل والحكمة لتغليب المصلحة العامة والتواؤم ورفض الاستقطاب، كيلا يكونوا ساحة لتصفية الحسابات، ويُبتلوا بالفوضى الهدامة!