الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هل هي سياسة أمريكية جديدة؟

إعلان الولايات المتحدة عن سحب قواتها من أفغانستان والعراق، وكذلك سحب قواعد صواريخ «باتريوت» من منطقة الخليج، ما هي إلا إجراءات أكَّدت النية الأمريكية في الانسحاب، التي بدأت أيام الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي صارت حقيقة وواقعاً مع الرئيس الحالي بايدن، وهو ما سمح ببعض التغيرات السريعة والخاطفة، ومنها على سبيل المثال عودة حركة «طالبان» إلى المشهد من جديد، وسيطرتها على كل الأراضي الأفغانية، بما في ذلك العاصمة كابول.

الشواهد والأفعال الجارية في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، تؤكد رحيل أمريكا عنها، عسكريّاً وسياسيّاً، بعد أكثر من 20 عاماً كانت الولايات المتحدة فيها متواجدة بشكل كبير، سواء في أفغانستان، أو العراق، أو كثير من الدول العربية التي سمحت للقوات الأمريكية في إقامة قواعد عسكرية فيها.

الرحيل الأمريكي، أو بتعبير أدق «تقليص النفوذ» له أسباب ومتغيرات عدة من وجهة النظر الأمريكية، منها أن التواجد الأمريكي في المنطقة العربية كانت أحد أسبابه الأساسية تأمين تجارة النفط العربي، والحفاظ على موارد واشنطن منها، ولكن خلال السنوات الماضية أصبحت أمريكا أقل اعتماداً على نفط الخليج، خصوصاً بعد تطويرها أساليب استخراج النفط الصخري.


متغير آخر، وهو أن واشنطن لم تعد ترى في المجموعات التي اعتبرتها دائماً «إرهابية»، مثل «القاعدة» و«داعش» تمثل خطراً على أراضيها بشكل مباشر، وهذا ما وضح في المساندة الأمريكية في الماضي لجماعة «الإخوان الإرهابية»، وكذلك وضح من تصريحات المسؤولين الأمريكيين، الذي أكدوا نجاحهم في نزع الخطر عن أراضيهم، وربما قصدوا في هذا الأمر هو نقل الخطر إلى أماكن أخرى في العالم، ومنها أوروبا، وأواسط آسيا، والمنطقة العربية.


كذلك حدث خلال السنوات الماضية إعادة ترتيب في أولويات مواجهة واشنطن لأعدائها، حيث أصبحت الصين هي العدو الأول لواشنطن، وهو ما بدأ كذلك في عهد ترامب، وتصور الجميع أن الأمر سيختلف في عهد بايدن، لكن في الواقع ما اختلف فقط هو اللهجة التي تتحدث بها الإدارتان، ظهور «العدو» الصيني على قائمة أجندة الولايات المتحدة، يجعل قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان منسجما مع توجه تكثيف الحضور العسكري في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي ضمن استراتيجية جديدة لواشنطن.

المتغير الأخير، هو الثقة الأمريكية في عدم إمكانية ظهور قوة واحدة تهيمن على الشرق الأوسط، أو بمعنى أضبط، قوة تستطيع مواجهة قوة إسرائيل، حليفها الاستراتيجي التاريخي.