الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

النظرية الميكافيلية والرمال المتحركة

خريطة المنطقة السياسية أشبه بالرمال المتحركة. الثابت اليوم متغير غداً.. وهكذا. الأمس القريب قد يشهد فجوة في وجهات النظر بين الأصدقاء، وربما أيضاً الأشقاء.

لا يعني هذا أن يتطور التباين في وجهات النظر إلى قطيعة. واهم من يعتقد بوجود قطيعة في لغة السياسة. أعداء الأمس أصدقاء اليوم. المصلحة سواء كانت للدولة، أو الأمة أو الإقليم، هي البوصلة التي تحرك العلاقات.

لا أقصد بالمصلحة المكاسب المادية أو الاقتصادية كما يحاول اختزالها البعض. المصالح التي تتعلق بالأمن القومي للدول أو الأقاليم أهم وأبقى. في الأزمنة الغابرة ترجم ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، العلاقات السياسية بين الدول «في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم هناك مصالح دائمة».

في العشرية الأخيرة شهدت المنطقة العربية، الكثير من الأحداث تسببت في حدوث «سيولة» استراتيجية بدول كبرى في المنطقة. الأمر الذي أصاب المنطقة بحالة من عدم الاتزان السياسي. عمَّق من خطورة الأزمة سعيُ قوى دولية وإقليمية، إلى ملء الفراغ الاستراتيجي الذي خلَّفته تداعيات أحداث السنوات العشر الأخيرة. أمام هذه المستجدات أعادت دول المنطقة تقييم علاقاتها الدولية بميزان من ذهب.

المنطقة لا تحتمل زلازل سياسية جديدة. المنطقة برمتها تدفع ثمن السيولة الاستراتيجية التي تعاني منها دول مركزية. لا يعيب الساسة تقييم مجمل العلاقات وفق المستجدات التي تطرأ على الساحة. العيب أن تواجه «ألاعيب اليوم» بنفس فكر أو أسلوب الماضي. الشرق الأوسط يُعَد من أكثر مناطق العالم سخونة. سقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي طالبان زاد الطين بلة. قوى دولية وتحديداً أمريكا بدأت تعيد حساباتها وفق منطق المكاسب والخسائر. قوى إقليمية تطمح في التوسع والتمدد.

هل المطلوب من الدول العربية أمام هذه التطورات، أن تراوح مكانها، اتقاءً لنيران «السوشيال ميديا»؟ حتماً لا. العلاقات العربية مع القوى الإقليمية والدولية ليست استثناء عن النظرية الميكافيلّية «الغاية تبرر الوسيلة».

العرب لا يعيشون بمعزل عما يشهده العالم. الساحة تزدحم بكثير من المتغيرات. قواعد اللعبة أيضاً تتغير في الشرق الأوسط. من ثَم فإن المراجعة شبه الدورية للمواقف باتت حتمية وفق المنافع المتبادلة.