الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«الديمقراطية».. وثقافة الشعوب

لا تزال كلمة الديمقراطية تشكل مفهوماً إشكالياً وغير متفق عليه، لدى كثير من المفكرين والباحثين، سواء في المفهوم والاصطلاح الفكري الفلسفي، أو في الإجراء والتطبيق الفعلي، فهل هو مصطلح سياسي أم هو مصطلح إداري إجرائي، أم هو مصطلح تشريعي قانوني محض، أم هو كل ذلك أو بعضه؟

بعض الآراء الفكرية أو الفلسفية ترى أن الديمقراطية، تمثل مرحلة متطورة من الوعي الفكري أولاً، ومرحلة من التطبيق الإداري في أجهزة المجتمع ثانياً، والسياسي ثالثاً، وأنها تُطور في مستوى الوعي لدى شعوب العالم، فهي ليست الخطوة الأولى في ثقافة الشعوب ووعيهم، ولا يمكن تطبيقها في المرحلة الأولى من النظام السياسي الناشئ، بل لا بد أن يسبقها خطوات أساسية من الوعي والتعليم والتدريب، قبل مطالبة الشعوب الدخول بها والتحلي بأخلاقها، وأن الشعوب التي لم تعرف الديمقراطية في نظامها السياسي قديماً أو لعقود طويلة، هي بحاجة أولاً إلى الديمقراطية الثقافية، أو بحاجة إلى تعلم الثقافة الديمقراطية، والبدء بالتدريب عليها في المستويات الأولى للتدريب الديمقراطي على مستوى اختيار عناصر المجالس المحلية أو البلدية بحرية ودون تدخل خارجي.

ثم على مستوى تطبيقها في المؤسسات الاجتماعية والنقابية وفي مؤسسات المجتمع المدني الحر، ثم على مستوى تأسيس الأحزاب السياسية وتدريبها على العمل السياسي السلمي، وقناعتها بتداول العمل السياسي الحزبي لتشكيل الحكومة الانفرادية أو الائتلافية بالاتفاق بينها، وفي حالة نجاح كل المستويات السابقة يمكن التفكير لتطبيقها على مستوى اختيار المجالس النيابية البرلمانية بحرية، وأخيراً على المستوى السياسي التنفيذي الأعلى، بانتخابات الرئاسات مباشرة أو عن طريق المجلس النيابي التشريعي.


هذه الخطوات يمكن تعلمها والتدريب عليها نظرياً وعملياً لدى كل شعوب الأرض دون استثناء، والاستثناء هو في الفروق الزمنية التي يحتاج إليها كل شعب أو مجتمع أو دولة عن أخرى، ولذلك ليس ما يمنع أن تصنف الدول على أنها متقدمة في نظامها الديمقراطي، أو متوسطة أو ضعيفة، وهذا يعتمد على قيم ذلك المجتمع أو ذاك، وعادات وتقاليد تلك الشعوب أو غيرها، ولكن دون أن تتخذ قيم أي مجتمع أو معاييره الثقافية مقياساً أو معياراً للمستوى الديمقراطي على مستوى العالم أجمع!


والخطورة أن تكون قوة الدولة العسكرية ومستواها الاقتصادي المتقدم وإعلامها المُهيمن على القنوات الفضائية العالمية هو الحَكم على مستوى النظام الديمقراطي العالمي، فهذا فضلاً عن أنه غير منصف ثقافياً أولاً، فإنه يجعل القيم العنصرية والتدخلات السياسية ذريعة للحكم على بعض الشعوب بأنها غير ديمقراطية أو غير قابلة للتطور الديمقراطي إطلاقاً.