الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الأموال المنهوبة.. مقابل العفو

اقترحت الحكومة الجزائرية في مخطط عملها الذي سيعرض على البرلمان للمناقشة والمصادقة فكرة «التسوية الودية بدل الإجراءات الجزائية» في ملف استرجاع الأموال المختلسة في قضايا الفساد، للمساهمة في تعزيز القدرات المالية للدولة.

وكان ملف «استرجاع الأموال العمومية المنهوبة» من بين أهم الوعود والالتزامات التي قطعها على نفسه الرئيس عبدالمجيد تبون خلال الحملة الانتخابية، وجدد التزامه بها عدة مرات بعد فوزه بمنصب الرئيس. وأصبح هذا الموضوع أهم ورقة للمعارضين لسياسة الرئيس في شكل: «أين الأموال التي وعدت باسترجاعها»؟.

حطمت الجزائر الأرقام القياسية في سجن كبار المسؤولين ورجال المال على خلفية الفساد ونهب المال العام، في شكل استجابة للحراك الشعبي لعام 2019. وقد مس التوقيف والمحاكمة رئيسي حكومة، وعدداً كبيراً من الوزراء والوُلاة ورجال الأعمال المحسوبين على محيط الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، إلى جانب عدد من كبار الضباط بتهم مختلفة، وما زالت العملية مستمرة.

وخلال الحراك الشعبي، تم توقيف العديد منهم لتحقيق عدد من الأهداف أهمها طمأنة الشعب بأن قائد الأركان السابق أحمد قايد صالح جاد في التزاماته مع الشعب بتمكين الحراك من تحقيق أهدافه، وثانياً «تحييد» هؤلاء المسؤولين ورجال المال من أي تأثير لهم على مشروع الحل السياسي للأزمة، ويبقى من صلاحيات التصرف معهم.

الآن، معظم الحالات، صدر في حقها أحكام قضائية بالسجن لسنوات طويلة تتراوح بين 3 و15 سنة، وبعضهم حكم عليهم بمصادرة جميع أملاكهم، كما أن العديد من الشركات التي كانوا يملكونها توقفت عن النشاط وتم تسريح عمالها، في حين كان الأجدر هو الحفاظ على المؤسسات ومناصب الشغب بأي طريقة ممكنة.

وحسب مخطط الحكومة الحالية يبدو أن التسوية تعني «استرجاع الأموال مقابل العفو» وهو إجراء يؤيده العديد من المتتبعين، وقد أثمر في بعض الدول.

ويبدو أن الحكومة لجأت «للتسوية» لسرعة استرجاع الأموال ولصعوبة استرجاعها عن طريق القضاء، خاصة تلك الموجودة بالخارج، لأن آليتها بطيئة ومعقدة وقد لا تنجح أصلاً.

ما يهم الشعب ليس سجن فلان أو علان من المسؤولين بقدر ما يهمه استرجاع أمواله والضخ بها في مشاريع التنمية، فماذا يستفيد المواطن من بقاء مسؤول في سن الـ80 جاثماً في السجون؟

ومن خلال التسوية سيكون هناك مستفيدون: الخزينة العامة، والمسؤولون المتهمون والمسجونون. ومع ذلك، لا يكفي استرجاع المال عن طريق التسوية، فبعض العقوبة ضروري للردع.