الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

تونس.. فشل رهان النهضة على الخارج

في تونس.. لحظة من يوم 25 يوليو الماضي، كانت حدثاً توصلت من خلاله الطبقة السياسية السابقة إلى عدم جدوى التعويل على القوى الداخلية.

لم يكن بوسع حركة النهضة، باعتبارها قائدة الطبقة الحاكمة، أن تعول على تحركات شعبية تعيدها إلى الحكم. على ذلك التفتت إلى التعويل على الخارج، علّ الضغط الخارجي يغير المعادلات الجديدة التي صنعها الرئيس قيس سعيد.

تحركت أحزاب المنظومة السابقة في كل اتجاه، بحثاً عن موقف خارجي يفيد موقفها في سردية الانقلاب. لكن الرهان على الخارج كان مخيباً مثلما كان الاعتماد على قوى الداخل غير مجدٍ.


لقاء قيس سعيد مع وفد من مجلس الشيوخ الأمريكي، كذلك بيان سفراء دول مجموعة السبع في تونس الاثنين الماضي، كان محط اهتمام حركة النهضة وحلفائها أكثر من غيرهم. لكن الواضح أن القوى الدولية لا تنظر إلى الاتجاه الذي تشير إليه أصابع حركة النهضة. كان موقف كريس ميرفي، السيناتور الديمقراطي الأمريكي، يشي بأن الولايات المتحدة فهمت أن سعيّد يتكئ على مساندة شعبية قوية، إذ قال ميرفي: «نحن لا نفضل أي طرف على آخر ولا مصلحة لنا بدفع أجندة إصلاح على أخرى، هذه المسائل متروكة للتونسيين لاتخاذ القرار».


بيان سفراء دول مجموعة السبع عزّز تلك الرؤية الدولية حين شدد على دعوة الرئيس التونسي إلى «العودة إلى نظام دستوري يضطلع فيه برلمان منتخب بدور بارز»، ومفردة «برلمان منتخب» تعني أن مرحلة ما قبل 25 يوليو طويت في تصور القوى الدولية مثلما طويت في المخيال السياسي التونسي.

سقط الرهان النهضوي على الخارج لأسباب متداخلة. جاء الحدث التونسي في ظرفية دولية موسومة بالتخفف الأمريكي من ملفات ثقيلة في أكثر من جغرافيا، ولن يكون مجدياً الانشغال بصداع «صغير» بالنظر لحجم تونس في الحسابات الأمريكية. ومثلت المساندة الشعبية لإجراءات سعيد سبباً آخر جعل القوى الدولية تعرب عن احترامها لخيارات الشعب. في هذا التداخل بين المعطى المحلي والحسابات الخارجية، اكتفت القوى الدولية بالتشديد على ضرورة توضيح المسارات المقبلة وتشكيل حكومة تتكفل بالملفات الاقتصادية.

ما بدّد حسابات النهضة وتوابعها، أن القوى الدولية لم تصدق روايتها القائمة على المظلومية. وكان ملفتاً التقاء سعيّد مع القوى الدولية والعربية المؤثرة في أن المرحلة السابقة مضت بكل تفاصيلها، وأن التأسيس للمرحلة الجديدة يبدأ من تلك القناعة، أما التشديد على الإسراع في الحكومة فهو خلاف في التفاصيل.