الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

السلاح الاقتصادي.. الأرقام لا تتجمل

قبل عقود مضت، كانت قوة الدول تقاس بكفاءة جيوشها القادرة على فرض سطوتها في البر والبحر، ولكن مع انتهاء زمن الحروب المباشرة اختلفت المعايير، حيث باتت القوة تقاس بمدى الحيوية الاقتصادية، ولعل اليابان التي خرجت مدمرة عقب الحرب العالمية الثانية أبرز مثال على ذلك، فقد تحولت إلى لاعب أساسي على الساحة الدولية بفضل الابتكار المعرفي والتوسع الصناعي وجودة المختبرات العلمية.

في المقابل، يعد الاتحاد السوفييتي الذي انهار في تسعينات القرن الماضي، مثالاً عكسياً، إذ لم يتفكك جراء إلقاء قنبلة نووية أمريكية أو أطلسية، ولكنه سقط حين زادت الهوة التكنولوجية والاقتصادية بينه وبين غريمه الرأسمالي، بينما كان «الرفاق» في الكرملين يتلاعبون ببيانات الخطط الخمسية والإنتاج الصناعي والمحاصيل الزراعية بزعم الحفاظ على تماسك الحزب الشيوعي.

وإذا كانت بعض الدول العربية تعاني أزمات اقتصادية طاحنة، فإن الدواء الشافي يكمن في تطوير فوري وعاجل لمنظومة التعليم ومكافحة الفساد وتحقيق نمو ملائم يساعد في تشغيل ملايين العاطلين، الذين أصبحوا بصورة فجة أسرى لبيوتهم ومقاهيهم، بينما يمكن رؤية الغربيين وهم يذهبون إلى «عيادات الإدمان» على العمل، والتي انتشرت في أوروبا وأمريكا منذ ثمانينات القرن الماضي.


يتيح الازدهار الاقتصادي للدول الترقي في سلم الحضارة، إذ يبقى الاقتصاد رقماً صعباً بين معايير القوة الدولية، وهنا، يمكن رصد تجارب قهرت منعطفات تاريخية رهيبة لدول مثل كوريا الجنوبية وألمانيا والصين، فالخطب السياسية الرنانة التي ازدهرت في السابق لم يعد لها تأثير يذكر الآن، ولا يمكنها وحدها انتشال الشعوب من الفقر والجهل والمرض، إذ تبقى مجرد منطوق لفظي عاطفي وفقط، أما الكلمة الفصل فهي للأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل.