الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الأعياد العراقية.. إجماع وخلافات

في لندن منذ سنوات طويلة، تنقسم الطبقة السياسية بين الجالية العراقية هناك على فريقين متناقضين، وفي يوم 14 يوليو من كل عام، نرى تجمعاً يحضره محتفلون بذكرى قيام الجمهورية العراقية في نفس ذلك اليوم من عام 1958، وهناك قريباً منهم أنصار النظام الملكي يكللهم الحزن ويقيمون مجلس تعزية على أرواح العائلة الملكية التي قضت غدراً في ذلك اليوم التاريخي الذي تغيرت من بعده صورة البلاد، من حالة إلى أخرى مناقضة لها.. وهنا يكون على كثير من العراقيين، أن يزورا التجمعين الواحد بعد الآخر، يقدمون التعزية في واحد ويهنئون في التجمع الثاني.

حين قام النظام الجديد بعد 2003، بقي هناك فريقان مختلفان في المشهد السياسي، عند التدقيق في تفاصيله، بالرغم من أنَّ الوضع السياسي العام لم يعد يلتفت إلى الاختلاف في الرؤى المعنية بذلك المفصل التاريخي.

ما تراه مجموعة أو فئة أو أحزاب أو شخصيات عيداً وطنياً للبلاد لا يكون متطابقاً مع رؤية آخرين، وهذا طبيعي في أي مجتمع لأنَّ المشتركات العامة يجب أن تكون هي السائدة في توحيد تعايش الناس، ويبقى للاختلافات أنصار هنا وهناك من أجيال لاحقة استناداً إلى تحليلات وقراءات ومقارنات، وليس لمعايشة زمنية، كما حدث مع جيل 1958 الذي لم يعد موجوداً في المشهد السياسي الراهن.


غير أنّ الخطورة تكمن في ظهور اختلافات بين رؤى الجيل الحالي، إزاء أيام تتخذها الجهات الرسمية أعياداً وطنية وأياماً يحتفى بها، والتي يرى فيها كثيرون أنها ليست قاسماً مشتركاً للأفكار والمبادئ والمشاعر الوطنية.


مثلاً، هناك أحزاب في السلطة تتمسك بيوم دخول الجيش الأمريكي إلى بغداد وإسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عيداً من أعياد البلاد، في حين أن مشاعر رفض اعتبار ذلك اليوم عيداً تنمو بسرعة مع السنين التي شهدت تداعيات ما بعد الاحتلال على بنية المجتمع وأحوال جيل كامل.

وهناك مئات الأسر التي قضت تحت القصف، وهناك جثث لا تزال تحت أنقاض البلدة القديمة المحطمة في الموصل، وهذا مشهد لا يزال بعد 5 سنوات على تحريرها يتوافر على مشاعر تتناقض مع فكرة إطلاق تسمية يوم النصر على موعد انتهاء العمليات الحربية ودخول القوات الأمنية للموصل ودحر الإرهاب.

ثمّة علائق نفسية واجتماعية وفكرية وفئوية وحتى تاريخية تحول دون توحيد وجهات نظر جميع العراقيين نحو الأيام الوطنية الرسمية.