الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

الإنسان.. سلام ومستقبل

في لمحة من عمر الزمان بدون توقيت يطل أمامنا المسرح العالمي المُخيف، تدور على خشبته الأحداث المُرعبة؛ تطرُّف وتعصُّب، عنف وإرهاب،لا سيما لدي الشباب الثائر في أرجاء العالم فهم بشائر الأمل التي تلوح في الأفق، وإن كانت أضواؤها لا تزال خافتة، لكنهم يرفضون أفكار الأجداد في التعامل بين البشر والتي تجاوزت النعرات في معظم بلدان العالم، لكن ألم تروا كيف تحركت ضمائرهم وقلوبهم في كل شبر من عالمنا الذي أصبح صغيرا تعاطفًا مع ضحايا الفظائع الوحشية المنتشرة؟

لقد أصبح من الصعب وضع عناصر الموقف الإنساني الراهن في ميزان النقد الموضوعي الهادئ، حيث تختلُّ كل الموازين، التي تهتز في تلك اللحظة أكثر من أي لحظة أخرى، فلم يستطع النقد القيام بدوره في تحليل الواقع بكل أبعاده، ومراجعة قِيمه ومعاييره السائدة بغيةَ تغييره من جذوره تماشيا مع فكر الشباب.

لنقل هذه دموع فكرية نذرفها استجابة لسيل الدموع التي تفيض أمامنا كل يوم في مختلف بلدان العالم، والتي تعبر عن اليأس وعدم القدرة على معرفة طريقة لمواجهة بركان الكراهية المتفجر في كل مكان بأدواته وإمكانياته التقليدية، وخيبة أمل «الحكمة الأبدية» من الجنون الذي يوشك على إغراق البشرية.


ونطرح السؤال الأبدي المؤلم: ماذا نفعل؟ ماذا يفعل المتحكمون لإنقاذ الحكمة من اغترابها عن الواقع، ويُنقِذ الواقع من اغترابه عنها؟ ماذا يفعلون لإنقاذ الإنسان من أهوال القُوى الوحشية التي تشوِّه إنسانيته، وتمسخ حقيقته، وتزيِّف معناه ورسالته على الأرض؟ هل يبقى في مقاعد المتفرِّجين، النار التي تلتهم المسرح يمكن أن تمتدَّ ألسنتها إلى القاعة؟ وهل يمكن للإعلام أن يشارك بجهوده وتنويره في مقاربة الأهداف والغايات الكبرى الموكلة إلى العقل والحكمة؟


يرفض الإعلام الحقيقي ما تبثه أبواق التواصل الاجتماعي الباهتة والتي لم تحافظ على حريتها في إطار الحكمة، بعدم إدراكها أن الإنسان هو كائن السلام والمستقبل، والذي عليه أن يرفع راية الأمل حتى لو امتلأت الأرض من حوله وتحت قدمَيه الأنقاض والأشلاء، وإلا فسوف يسقط في الهاوية.

تبدو العقبات أكبر من التوقعات، فالسلام والسعادة والأمن والتضامن والرحمة والأخوة البشرية تصطدم بجدران المستحيل، لكن النضج دائمًا يعمل في دائرة الممكن، والتي تظهر أحيانًا على أنها المستحيل.. وإن تحقيق الوعي العالمي للمستقبل الإنساني هو أصعب تحد يواجه البشر، لكن التشابه البشري يبدي الأمر كما لو أن ذلك المستحيل ممكن!