الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

العزلة.. بين اعتدال وتطرف

أكثر ما يُقلقني الطرح المتطرف، أو بعبارة أوضح الفكر المنحاز بشدة لفكرة معينة، والذي يحاول أصحابه غالباً فرض أفكارهم الشخصية على أنها حقائق لا تقبل الجدل، والتي من شأنها، في حال تقديمها بشكلٍ متقن، أن تتسبب في خلق عادات سيئة، تنعكس على سعادة الإنسان وسلامته النفسية.

العزلة هي أحد هذه الأفكار التي تم الترويج لها بصورة مبالغ فيها في السنوات الأخيرة، ولاقت قبولاً عند شريحة واسعة من المجتمع - لا سيما الصغار منهم - والتي من شأنها أن تتحول بمرور الوقت إلى وحدة قاتلة تؤذي أصحابها، وتدفع بهم إلى أنفاق مظلمة، ليس من السهل الخروج منها.

قبل سنتين كتبت مقالاً بعنوان: «عندما نكبر، لماذا نميل للعزلة؟».. وأذكر أني كنت حريصاً على إضافة كلمة «النسبية» بعد كلمة «العزلة»، وذلك للتفريق بين العزلة الواعية، والأخرى.. غير الواعية.


العزلة الواعية.. تلك التي يختارها الإنسان للاختلاء بنفسه لمراجعة أفكاره، وتأمل الحياة من حوله، ثم يعود بعدها إلى الاختلاط بالناس، والاستئناس بهم.


أما العزلة غير الواعية، فهي تلك التي يختارها الإنسان كأسلوب حياة دائم، فيعمد إلى حصر حياته ما بين العمل والمنزل، لا يغادره إلا للضرورات القصوى، وبمرور السنين يفقد قدراته الاجتماعية، ويواجه صعوبة شديدة في التعايش مع الناس.

ولا اعتقد أننا سنختلف أن الأولى صحية جداً.. أما الثانية، فخطيرة وحالة مرضية!