الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

أهل الغلو.. كيف يرونه؟

يؤخذ مفهوم الغلو عند المغالين على أنه عدم القبول بالتنوع العقائدي عند الآخر، وقد يصل الغلو إلى حد الاستئصال والاجتثاث ووأد المختلف، سواء كان بإلصاق التهمة عليه – الآخر، إن كان بـ«البدع المكفرة»، و«حكم الردة والشرك» على الفكر الفلسفي والصوفي أو لكل فكر مخالف عنهم، أو بصرف الهمة إلى الفروع وبناء الولاء والبراء عليها.

ولذا فهم يرفضون مخالطة «أهل البدع» والجلوس أو الحديث معهم، بل هجرهم وعدم النكاح منهم أو الصلاة عليهم، وبيان خطرهم وعظيم فتنتهم، وبالطبع هم من يختارون نوع «البدعة المكفرة» والتوسع في ظاهرة التكفير إلى مرحلة هدر الدماء!

جملة تلك العناصر ترفضها الثقافة الدينية، لاصطدامها مع منظومة العقيدة، وهي عبارة عن سياقات من المخالفات غير المقبولة بإجماع المسلمين، منها جمود وتوقف عقول هؤلاء المتشددين عند ظواهر النصوص، والدين عندما ينتزع منه ثوب الأخلاق، ما يؤكد أن هناك خللاً في المفاهيم الفقهيَّة والأخلاقية، فالقضية بالنسبة لهم انتقائية.

ويبدو أنه لا يوجد لديهم نصوص واضحة عن الغلو والتعصب والتزمت من زاويتة الأخلاقية والسلوكية- عدا العقائد -، وتنتمي جذورها الفقهية إلى الأصولية المتشددة، وتتمثل في آراء هادمة حول التكفير، وتصنيف المسلمين، وتصفية الأمة والطائفة، الجهاد برؤية متطرفة، وطموح الخلافة، كلها مجموعة من الأفكار تعتبر عامل جذب للمنحرفين أخلاقياً، ومن لديهم خلفيات إجرامية أو المرضى نفسيين، فيحدث لديهم امتلاء نفسيٌّ بالزهو، وسد لعقدة النقص بما يشبع حرمانهم بالرياسة، ما يدل على مدى إغفال لدور العلم والعقل والأخلاق، وأنهم لم يستوعبوا من الدين غاياته ومقاصده.