الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أزمة الغواصات.. صراع جيوسياسي - اقتصادي

بعد مفاوضات فنية وتجارية دامت عامين وقعت أزمة سياسية ودبلوماسية كبيرة بين فرنسا وأستراليا، وقد كانت مواقف الحكومة الفرنسية غاضبة بسبب إلغائها، ولكنها لم تصب غضبها على الحكومة الأسترالية فقط ـ وهي صاحبة قرار التراجع عن تنفيذ الصفقة كما كان ينبغي ـ ولكن امتد ذلك إلى أمريكا وبريطانيا، بسبب انتقال مكاسب هذه الصفقة الاقتصادية إليهما، بعد توقيعهما اتفاقاً لتزويد أستراليا بهذه الغواصات البحرية، بحسب اتفاقية أطلق عليها: Aukus تذكر أستراليا أن سبب إلغائها للصفقة وذهابها للاتفاق مع بريطانيا وأمريكا هي الأسباب الفنية التصنيعية، حيث كانت الاتفاقية مع فرنسا على أن تجعل الغواصات تعمل بالوقود العادي بينما ستعمل الغواصات في الصفقة الجديدة بالوقود النووي، دون أن تحمل الغواصات الأسلحة النووية، بسبب التزام أستراليا باتفاقية حظر الأسلحة النووية الدولية، وهذا بالتأكيد سيوفر عليها كميات كبيرة من الطاقة والمال، فضلاً عن مخاوفها أن تتراجع فاعليتها عند استلامها من فرنسا.

الغضب الفرنسي ليس اقتصادياً فقط، بدليل ما اعتبره وزير الخارجية الفرنسي أن تحويل الصفقة لبريطانيا وأمريكا هو طعنة أولاً، وبسبب عدم إعلام فرنسا إلا قبل ساعات قليلة من إعلان أمريكا عن هذه الصفقة مع أستراليا وبريطانيا ثانياً، وفي الوقت ذاته جاء الرد الأمريكي على الغضب الفرنسي بأن إلغاء أستراليا للاتفاقية: «هو شأن أسترالي داخلي»، وكأن أمريكا ترفض الاعتراض الفرنسي ولا تعتذر عنه، وهذا مؤشر على دخول العلاقات الأمريكية - الفرنسية مرحلة أعلى من الصدام الدولي.

أما بريطانيا، فبعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي فإنها تسعى للإنضمام إلى تكتلات تجارية واقتصادية تعوضها أرباح انسحابها من الاتحاد، وتقلل من خسائرها المالية معه.


وبسبب تفاقم الأزمة دولياً، فإن المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، قد شارك فيها مبرئاً ذمة الاتحاد من الوقوف إلى جانب أحد أطرافها قائلاً: «إن الاتحاد لم يبلغ مسبقاً بالشراكة العسكرية الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا».


وما زاد من توتر الأوضاع هو الموقف الصيني، الذي اعتبر أن الشراكة الدفاعية الجديدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ستلحق ضرراً خطيراً بالسلام والاستقرار الإقليميين، وبحسب تصريح المتحدث باسم الخارجية الصينية «تشاو ليجيان»: «إن قرار الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تصدير تكنولوجيا الغواصات النووية إلى أستراليا يثبت مرة أخرى أنهما تستخدمان الصادرات النووية لتحقيق مكاسب جيوسياسية وهو أمر غير مسؤول أبداً»، وهو ما عارضته أمريكا أولاً، وهذا ما قد يُرجح توسع الأزمة في المستقبل.