الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

تحالفات الحرب العالمية الثانية تواجه «أوكوس»

اتفاقية «أوكوس» بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا، التي أغضبت فرنسا والاتحاد الأوروبي، لا تمثل سوى قمة جبل الجليد الغاطس. الاتفاقية الأزمة تساعد الدول الثلاث في تطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية. إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ.

إدارة بايدن منذ أولى لحظاتها في البيت الأبيض، تسعى إلى تكوين تحالفات دولية، لتعزيز تواجدها في مناطق النفوذ الصيني، لا سيما في منطقة المحيط الهادئ. المجال لا يتسع للغوص في تفاصيل إعادة خريطة التحالفات الأمريكية. في تلك المساحة نزيح الستار عن سر اتساع الفجوة بين أمريكا وحليفها الأوروبي.

قبل نحو 6 أشهر أظهر استطلاع لـمركز «بيو» للأبحاث أن قطاعات بارزة من الأوروبيين، خاصة في جنوب وشرق أوروبا، شهدت تحسناً في رؤيتهم للصين. الاستطلاعات أشارت إلى أن 14% من البولنديين، 21% من الإيطاليين، و22% من البلغاريين، تحسنت رؤيتهم عن الصين، إضافة إلى أن 25% من الإيطاليين يرون أن بكين تعد أكبر حليف لهم خلال جائحة كوفيد-19.

الفجوة بين أمريكا وأوروبا مرشحة للاتساع مستقبلاً. أمريكا شغلها الشاغل حماية موقعها بوصفها القوة العظمى، وترسيخ سياسة التفرد التي تنتهجها. أوروبا بدورها تركز على استكمال جهودها الرامية إلى تعزيز التكامل بين دولها، بهدف البحث عن موطئ قدم في النظام العالمي الجديد الآخذ في التبلور.

أمام التداعيات التي فرضتها «أوكوس»، يقفز مجدداً التساؤل حول مستقبل حلف شمال الأطلسي (الناتو). المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مطلع العام الجاري حدد بديليْن محتمليْن، الأول: تحالف يقتصر على وظائفه الأساسية المتعلِّقة بالدفاع المشترك والردع. الثاني: توسيع نطاق الآليات التي يعتمد عليها الحلف، بحيث يكون قادراً على التعامل بأسلوب مرن مع التحديات الأمنية الجديدة. سيناريوهات الناتو المستقبلية لن تحقق ما تصبو إليه الولايات المتحدة الأمريكية.

التحليلات السابقة عاكست التفاؤل الذي ساد القارة العجوز بعودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض. يوماً بعد يوم تبدد هذا التفاؤل، وباتت هناك قَناعة أوروبية بأن العلاقات بين الحليفين تواجه اختباراً صعباً. الحرب الباردة التي تلوح في الأفق بين أمريكا والصين تشهد متغيرات كبيرة عالمياً عن تلك التي سادت بين واشنطن وموسكو. أمريكا ليست بنفس القوة التي كانت عليها عقب الحرب العالمية الثانية. جرت في مياه الخرائط الجيوسياسية في مختلف مناطق العالم مياه كثيرة. الداخل الأمريكي نفسه يعاني من تفاوت كبير في ترتيب الأولويات.

على الضفة الأخرى من الأطلسي، وجه بريكسيت صفعة قوية للمكانة الاقتصادية للقارة العجوز، أفقدته جزءاً من توازنه الاستراتيجي مع القوى العالمية. كما أنه يعاني بصورة مستمرة من «أزمة قيادة»، لا سيما مع اقتراب رحيل أنجيلا ميركل. أضف إلى ذلك القضايا القديمة المتجددة ومنها ملف المهاجرين، و«الجيش الأوروبي الموحد».

في السياسة لا توجد تحالفات دائمة لكن هناك دوماً مصالح دائمة. أمريكا تبحث عن تحالفات تقلّص من خلالها النفوذ الصيني، حتى لو جاء ذلك على حساب تحالفات ما بعد الحرب العالمية الثانية.