الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الثقافة.. عملة اقتصادية متغيرة

‏ العلاقة بين الاقتصاد والثقافة، تلك المسألة المهمة التي لم تلقَ الاهتمام الكافي من قِبل الباحثين، فغالبية خبراء الاقتصاد يركزون على الجوانب الاقتصادية الصرفة، وهناك من يركز على الاقتصاد السياسي نتيجة للعلاقة الوثيقة ‏بين الاقتصاد والسياسة! في المقابل يركز المختصون بالثقافة على الأبعاد الاجتماعية والقيم والفنون، ولا يعطون الجوانب الاقتصادية أهمية كافية في تحليل أبعادها.

هناك من الفلاسفة و الأكاديميين من يعتبر الثقافة طريقة حياة تسود في مجتمع ما، ولا شك أن أي مجتمع يقوم على مقومات اقتصادية معينة هي التي تحدد طريقة الإنتاج به ومن ثم تنعكس على طريقة حياته والعلاقات بين أفراده، ففي حال حدوث أي تطورات اقتصادية مهمة سينعكس ذلك بلا شك على طريقة حياة المجتمع من خلال تغيرات في قيمه وعاداته وعلاقاته الاجتماعية وإبداعاته أي تغيرات على ثقافته الأصلية.

مثال حي، عاشته دول مجلس التعاون الخليجي خلال ما يقارب قرن، ويتعلق بالتحولات التي أحدثتها الثروة النفطية، فقد مرّت على المنطقة ثقافتان والثالثة تتبعهما.


الأولى، ثقافة ما قبل النفط التي عبرت عن مقومات اقتصادية تعتمد على الطبيعة سواء البحرية والصحراوية والزراعية والجبلية، ولكل منها ثقافته الخاصة.


والثانية، بعد الثورة ‏النفطية التي أحدثت تحولات اقتصادية جذرية غيرت من طريقة حياة المجتمعات الخليجية، واستحضرت قيم الاستهلاك والاتكالية، وغابت عنها وسائل الإنتاج الحقيقية، وتغيرت منظومة القيم التقليدية وتشوهت معها هوية الشعوب وثقافتها.

والثالثة، في الآونة الأخيرة التي نعيشها، إذ تشهد المنطقة تحولات اقتصادية نتيجة لتراجع أسعار النفط وظهور تدريجي لبدائله، وهذا سيقود دون أدنى تفكير إلى تبلور ثقافة جديدة ستظهر معالمها خلال الفترة المقبلة.