الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الصين تعاني نقصاً في السكان

في شهر مايو الفائت، أعلنت السلطات الصينية السماح للأسر بإنجاب الطفل الثالث. وقد يبدو الخبر مدهشاً للكثيرين الذين يدركون أن الصين من أكثر دول العالم سكاناً، حيث تجاوزوا (1.41) مليار نسمة. ولكن المكتب السياسي للحزب الشيوعي حين أعلن عن هذا الإجراء، قد استند إلى دراسات ديموغرافية وسكانية كثيرة ودقيقة.

في عام 1980، فرضت السلطات الصينية سياسة الطفل الواحد لكل أسرة. كانت الصين في بداية نهوضها الاقتصادي، وكانت الزيادة السكانية العالية أكبر تحديات التنمية، لذلك رافق قرار الطفل الواحد إجراءات قاسية تمثلت في مراقبة الأسر، وإجبار النساء على الإجهاض في حال الحمل الثاني، وإلزامهن بموانع الحمل بعد الولادة مباشرة. ومع ارتفاع وتيرة التنمية والحاجة الملحة للقوى البشرية سمحت الصين في عام 2013، بإنجاب الطفل الثاني، مع استمرار مراقبة منع إنجاب طفل ثالث، ثم تراخت الصين بعد سنوات في صرامتها وتجاوزت عن الأسر التي أنجبت طفلاً ثالثاً.

عرض المختصون على المكتب السياسي للحزب الشيوعي إحصاءات تبين أن عام 2020، شكل أكبر انخفاض في عدد المواليد منذ طفرة السبعينيات، وأن الإحصاءات الحالية والمستقبلية تنذر بـ(كارثة سكانية) تتمثل في اتجاه النمو السكاني نحو (شيخوخة المجتمع). وفي الوقت الذي تضاعف فيه الصين من إنتاجها من مختلف السلع وعلى كافة المجالات، وتخوض حروباً اقتصادية كبرى تستدعي قوى بشرية عاملة «غفيرة» ومؤهلة، فإن الحاجة ملحة في رفع نسبة المواليد، وهذا ما يستدعي إصلاحات عاجلة في قوانين تنظيم الأسرة وما يترتب عليها من تبعات.


وأظهرت استطلاعات الرأي الصينية إحجام الأسر عن إنجاب الطفل الثالث، فارتفاع عدد ساعات العمل اليومي والغلاء المعيشي وارتفاع كلفة التعليم في الصين، وصعوبة الحصول على خدمات كبار السن، والتمييز الذي تتعرض له الأمهات العاملات يجعل أغلب الأسر تستقر عند إنجاب الطفل الواحد، لذلك كان من ضمن حزمة الإصلاحات التي طرحتها الصين التعهد بدعم الأسر متعددة الأطفال وتعديل قوانين إجازة الأمومة والحضانة وتعديل قوانين التقاعد.


يرفض كثير من الصينيين التدخل الحكومي في مسألة إنجاب الأطفال، لكن الصين تبرر أن تحكمها بالتنظيم الأسري، رغم قساوته، إلا أنه قائم على مراقبة مختلف المعطيات وعلاقتها بالاقتصاد.

المعادلة السكانية الصينية الحالية معقدة: أقل نسبة مواليد في العالم، وفي عام 2025، سيصل عدد الذين يتجاوزن الـ60 عاماً إلى أكثر من 300 مليون، أي قرابة ربع السكان. وهذا سيهدد المجد الاقتصادي الذي بنته الصين في الـ40 عاماً الماضية.