السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أوكوس والصراع.. العالم يتجه شرقاً

أحدثت قضية إلغاء صفقة الغواصات النووية الفرنسية من قبل أستراليا، صدى عالمياً كبيراً، باعتبارها من أكبر الصفقات العسكرية عبر التاريخ، ولعقدها مع الولايات المتحدة وبريطانيا بدلاً من باريس، والتي اعتبرت ذلك طعنة بالظهر من الأطراف الثلاثة.

ذهبت معظم التحليلات المختصة بذلك إلى توقع ظهور تحالف أنجلوسكسوني جديد على حساب أوروبا الحليف الاستراتيجي لأمريكا، وأنّ المستهدف من ذلك هو الصين، وأياً كان الأمر، فإنّ ما جرى سيدشّن بلا شك تحولاً استراتيجياً دولياً ستكون له تداعياته وتفاعلاته ونتائجه الكبيرة والمؤثرة، وسيكون عنواناً للمرحلة الدولية المقبلة القادرة ربما على تقرير شكل النظام الدولي وحسم منافساته بعد تحول جغرافيا الصراع الدولي فيه إلى ساحات جديدة.

وما زاد الأمر أهمية، أنّه أول حدث استراتيجي لأمريكا أعقب الانسحاب العسكري من أفغانستان ومناطق أخرى، ليُترجم إلى تحالف جديد عُرف باسم أوكوس ( AUKUS) وهو تحالف دفاعي ثلاثي يضم أمريكا وبريطانيا وأستراليا (دولة غير نووية)، وقد سبقه تحالف آخر يدعى كواد (QUAD) أو مجموعة الحوار الأمني الرباعي التي تضم إضافة لأمريكا كلاً من الهند واليابان وأستراليا، وقد أجرى هذا التجمع قبل أشهر مناورات بحرية مشتركة في المحيط الهندي، إضافة إلى تحالف استخباراتي سري سابق يدعى «العيون الخمسة» (FVEY) يقتصر على الدول الناطقة بالإنجليزية، يضم إضافة لأمريكا كلاً من بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، ويعتبر أقوى تحالف استخباراتي دولي.


هناك عمليات نقل للصراعات إلى ساحات آسيوية، وتحديداً إلى منطقة المحيط الهادئ وبحر الصين، وهذا تتويج للتكهنات العالمية التي تحدثت عن أنّ العالم يتجه شرقاً، وأنّ القرن القادم آسيوي، حيث أكبر القارات مساحة وسكاناً ومواقع استراتيجية حاسمة، عدا عن تواجد قوى عظمى ونووية وصناعية واقتصادية صاعدة ومنافسة، ومجاورة لقوى دولية مهمة كروسيا وأستراليا، ما يشير إلى أنّ كل هذه العوامل والمتغيرات والتوجهات الجديدة من قبل أمريكا تحديداً، ستحاول أنّ تحسم الصراعات والتنافسات الدولية خاصة مع الصين.


لكن ما لفت الانتباه حقيقة، هو حدوث تغير مهم في شكل الصراع الدولي الحالي، فبعد أنّ بدا أنّه اقتصادي بحت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، عاد الشكل العسكري - ولو من باب الردع - إلى الظهور بقوة كما يتضح اليوم.