الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تونس.. إصلاحات الرئيس

يقول رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون: «الاقتصاد بداية ونهاية كل شيء، لا يمكن أن يكون لديك إصلاح تعليمي ناجح أو أي إصلاح آخر إذا لم يكن لديك اقتصاد قوي»، فما يُهم الناس أولاً واقعهم المعيشي وبعدها تتفرع التوجهات والتطلعات.

قبل نحو شهرين قرر الرئيس التونسي قيس سعيد، تجميد سلطات مجلس النواب وإقالة رئيس الوزراء من منصبه، على أن يتولى بنفسه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة جديد، وقد لاقت قرارات الرئيس ارتياحاً شعبياً ودعماً مكنه من الاستمرار في خطواته اللاحقة.

الدعم الذي لقيته قرارات سعيد لم يكُن في مجمله دعماً سياسياً واصطفافاً في جانب ضد الآخر، بقدر ما هو حالة من الإحباط الذي يعيشه التونسيون في ظل الواقع الاقتصادي المتردي، وغياب فرص العمل، وكان من الطبيعي أن يقف الشارع مع أي تحرك ضد الطبقة السياسية التي لم تستطع عبر السنوات الماضية، أن تُشعر المواطن بأي تغير إيجابي ملموس على حياته اليومية.


تزايدت المخاوف من أن تأخر الرئيس التونسي في تعيين رئيس حكومة يركز على الشق الاقتصادي قد يعود عليه سلبياً ويبدأ بالسحب من رصيد الثقة الذي منحه الشارع له، وبالتالي لن يكون قادراً على مواصلة خطواته في الإصلاح السياسي، فالاقتصاد هو المحرك لتوجهات الناس، وبلا انعكاسات إيجابية على واقعهم سيجد الرئيس نفسه قريباً في ذات المجموعة التي يحاربها اليوم.


التونسيون ومنذ سقوط زين العابدين بن علي وهم غارقون في تصريحات السياسيين حول الحرية والديمقراطية، إلا أنه لا أحد تبنى نهجاً قائماً على الجمع بين إصلاح الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي للناس وبين الإصلاح السياسي، وهذا ما أدى إلى حالة من النكوص الشعبي والكُفر البواح بكل الطبقة السياسية وما تحمله من شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.

قيس سعيد نجح في الوصول إلى الجزء الأهم من مشروعه، وهو الذهاب نحو تغيير شكل النظام السياسي، ولكنه اليوم لا يملك ترف الوقت، ومطالب بأن يعطي الأولوية للاقتصاد ونموه وخلق فرص وظيفية تساعد الناس على مواجهة ظروف الحياة الصعبة، وباختصار فإن قرارات الرئيس لن تشفع له أمام الشارع الذي ثار أصلاً بسبب «البوعزيزي» الذي أحرق نفسه احتجاجاً على مصادرة البلدية لعربة الخضار مصدر رزقه الوحيد.