الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

السياسة في خدمة الاقتصاد

معظم المشاكل والأزمات التي تعاني منها العديد من دول العالم اليوم، بما في ذلك الحروب والصراعات، مرجعها في الأساس هو الاقتصاد، فالدول التي تعاني من الفقر وآثاره هي بلدان ذات أرضية خصبة بطبيعتها للأزمات، بينما تعيش الدول المستقرة اقتصادياً حالة موازية من الاستقرار الاجتماعي وحتى السياسي وفي كل المجالات.

وعلى الرغم من كون هذه الحقيقة لا تغيب عن كثير من صناع القرار في العالم، إلا أن الدول الغارقة في الصراعات كانت غارقة قبل ذلك بالتفاصيل السياسية، التي تحولت فيما بعد إلى بوابة للفشل والخمول في عديد من دول العالم الثالث.

وعند التوقف على تجارب دول ناجحة، والتي تمثل اليوم نموذجاً في الازدهار وتجاوز عتبة الفقر والصراعات، نجد أن نقطة التحول الرئيسية بدأت عندما تفرغ زعماء وقادة تلك الدول لمعالجة الملف الاقتصادي باعتباره منطلقاً للإصلاح، بما في ذلك الإصلاح السياسي وإعادة ترميم بنية المجتمع التي تضررت كثيراً عندما شغل هاجس السياسية النخب في دول العالم الفاشلة، بينما كان الأنسب أن تمر أحلام التحول والتغيير عبر رؤية اقتصادية، تعيد للإنسان كرامته وتستغل الموارد المهدرة، بما يخدم أهداف التنمية بكافة أشكالها، بعيداً عن تعقيدات السياسة ومجاهيلها المظلمة.


ولا يعني ذلك أن يتم تجاهل السياسة كركن من أركان قيام أي نظام في العالم، ولكن بما يضمن تطويع السياسة لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولنا في ذلك مثل عالمي بارز هو «التنين الصيني» الذي نهض على أكتاف الرؤية الاقتصادية المعروفة بسياسة الإصلاح والانفتاح، وهي خطة النهضة الصينية الحديثة التي انطلقت في عام 1978، والتي كانت السبب الرئيسي في تعملق التنين الصيني الذي نشاهده اليوم يتربع على عرش ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يسعى ليكون الأول بلا منازع، من خلال مشروع الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد، الذي تدور اليوم جل السياسة الخارجية لبكين حوله ولخدمته، فقط تكريساً لمبدأ السياسة في خدمة الاقتصاد وليس الاقتصاد في خدمة السياسة.