الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

نساء لبنان.. والإعلام العربي

هناك حملة من السخرية والتهجم علي المرأة اللبنانية، في بعض وسائل الإعلام.. ولا أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب للهجوم على لبنان، لأن ظروفه، وأحوال شعبه تتطلب من العالم العربي أن يكون أكثر إنسانية وهو يتعامل مع ما يعيشه هذا الشعب.

لا أريد أن أقول إن العالم العربي قد تخلى عن لبنان، ولكن لبنان لم يعد في مقدمة أولويات السياسات العربية، وقد فتح ذلك أبواباً كثيرة لتدخلات دولية وإقليمية في شؤونه.

كانت شاحنات المازوت والبنزين التي وصلت إلى بيروت من إيران أكبر إدانة للتخلي عن لبنان في كل شيء، ولم يبقَ غير برامج ورسوم وفيديوهات السخرية من المرأة اللبنانية التي تطلب الزواج بلا مهر.


إن لبنان تاريخ طويل من الإبداع والفن والثقافة ومنارة أضاءت العقل العربي زمناً طويلاً، فهل يمكن أن تكون المرأة اللبنانية مجالاً للسخرية؟ إن لبنان فيروز، وغادة السمان، ووديع الصافي، وصباح، وملحم بركات، وعشرات المبدعين الكبار الذين أحبوا لبنان، وعاشوا على أرضه أو عاشوا بعيداً عنه جبران وإيليا ماضي ونزار قباني وعمر أبو ريشة وأدونيس.. ذلك هو لبنان! كل هؤلاء أحبوا لبنان، ولا شك أن المرأة اللبنانية كانت مزارات للفن.. فبديعة مصابني، وجورج أبيض، والريحانية، وآل تقلا، وآل زيدان، والأهرام، ودار الهلال، والمسرح القومي، ومي زيادة.. كل هذه الأصوات والأفكار المبدعة خرجت من لبنان، وواجب الإعلام العربي الآن أن يذكر لبنان ولا يسخر من المرأة اللبنانية لأنها الأجمل و«الأشيك» والأرقى.. فرفقاً بالجمال! لأن لبنان كان وسيبقى أجمل حدائق العرب فناً وإبداعاً.


أوطان كثيرة مرت بظروف أصعب كثيراً مما عانى منه الشعب اللبناني، ولكن لبنان تجاوز محناً كثيرة، وتكفي تجربة الحرب الأهلية وما خلفته من الدمار في كل شيء.

سوف يتجاوز لبنان كل أزماته ويعود ليغني من جديد. الأخلاق العربية القديمة ترفض السخرية والتجريح، والتي كانت يوماً ما تضع المرأة في مكانة خاصة من التقدير، فماذا جرى لنا؟ إن لبنان لم يكن يوماً وطناً عادياً في قلب العالم العربي، لقد كان دائماً مختلفاً في ناسه وانفتاحه وتعددية شعبه وثقافته، وكان العالم العربي يرى في لبنان النموذج، وكان لبنان الوطن العربي الوحيد الذي مارس الحريات بكل جوانبها سلباً وإيجاباً، ومن هنا يجب أن يبقى المتفرد المختلف صاحب التجربة المضيئة وإن اختلف البعض عليها.