الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أمريكا – الصين.. من يحاصر من؟

تقدمت الولايات المتحدة نحو أستراليا، تزودها بغواصات نووية وتعقد تحالفاً عسكرياً معها ومع بريطانيا هي الأخرى، جرى التحالف خارج نطاق حلف الناتو، ما أثار حفيظة الأوروبيين.

الهدف المعلن هو حصار الصين ومنع تقدمها وتمددها الاستراتيجي، والعالم يحبس أنفاسه تخوفاً من اندلاع حرب نووية حتى ولو بالخطأ في الحسابات والتقديرات.

يبدو لي أن ذلك لن يحدث، وأن الصين ستكون الرابح في النهاية وسيفشل حصارها، وربما صحَونا ذات يوم على هرولة أمريكية خارج تلك المنطقة، على النحو الذي شاهدناه في أفغانستان سابقاً.


العقلية والفلسفة الصينية العميقة نجدها في كتاب الفيلسوف والقائد العسكري الصيني القديم «سن تسو»، يحمل الكتاب عنوان «فن الحرب»، يعود الكتاب إلى 550 سنة قبل الميلاد، مما جاء فيه: «قمة النصر أن تُخضع العدو دون قتال»، وفيه أيضاً: «النصر الأعظم هو ذلك الذي لا يتطلب قتالاً!».


تلك هي الروح الصينية، لذا فإن الميزانية العسكرية في الصين لا تقارن بنظيرتها في الولايات المتحدة، فهم يتجنبون دخول الحرب قدر الإمكان، فلقد اجتاحوا أفريقيا بمشروعات اقتصادية وتنموية دون الحاجة إلى إرسال قوات عسكرية.

قبل ذلك، حدث صراع بين الصين الماوية والاتحاد السوفييتي، لكنهم لم ينزلقوا إلى صراع دموي، وفي العام الماضي جرى استفزازهم بشدة في «هونغ كونغ» ونفذوا ما أرادوا دون الانزلاق نحو ما أرادت بعض الجهات «الدولية» جرهم إليه. الواضح أمامنا، أنهم أثاروا مخاوف أمريكا فاندفعت نحوهم بالحصار من أستراليا، وهم قابعون في مواقعهم، وعملياً يستنزفون أمريكا، بينما البنية الأساسية في الولايات الأمريكية بدأت تتهالك، والكونغرس منقسم حول سياسة جو بايدن، وامتد الانقسام داخل الحزب الديمقراطي نفسه، والأزمة عميقة والاستقطاب حاد داخل الولايات المتحدة.

بشتى الطرق والوسائل نهضت الصين اقتصادياً، عبر أكثر من ثلاثة عقود وبمساعدة أمريكية، تصورت أمريكا في البداية أنها تبني خصماً قوياً يواجه الاتحاد السوفييتي بنفس أدواته وأفكاره، وعلى حدوده الجغرافية، لكن مكر التاريخ كما وصفه الفيلسوف الألماني «هيغل» يفعل فعله.

خذلهم الاتحاد السوفييتي وانهار، بما أعطى مساحة وفرصة أكبر للتنين اقتصادياً واستراتيجياً، إلى أن فوجئت الولايات المتحدة بمارد ضخم أمامها، يهدد نفوذها وسطوتها، خاصة أن الصين تقدم نموذجاً للتنمية مترافقاً مع نموذج سياسي، يمكن أن يكون موضع قبول ورضا في العالم، ولدى الدول والأنظمة التي تعاني من السطوة والإكراه الأمريكي.