الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أبو الغيط.. ودماء العمل العربي المشترك

الأزمات التي تواجه «الدولة المركزية» في عدد من الأقطار العربية، تعيدنا للحديث مجدداً عن العمل العربي المشترك. ما تعرضت له دول عربية بعينها عقب 2011، أزاح الستار عن أهمية تحصين مؤسسات الدول ضد أي أعاصير داخلية أو خارجية. المسكوت عنه في هذا الملف أن الغياب أو الضعف الشديد للعمل العربي المشترك، لا سيما في التعامل الفاعل لمواجهة التحديات، يعد أحد عوامل تفكك الدولة المركزية.

القضية هنا، أنه ليس بمقدور أي دولة عربية وحدها أن تواجه منفردة وبقدراتها الخاصة الأخطار التي تتهددها من دون سند عربي عام. في غياب هذا السند العربي العام، وفي غياب العمل العربي المشترك على كل المستويات، كان من السهل في السنوات الماضية الاستفراد بالدول العربية كل على حدة، وكانت النتيجة ما تعرضت له وما زالت تتعرض له من محاولات تفكيك وتدمير.

الواقع العربي يؤكد أن مشتركاتنا القومية في اللغة، التاريخ، الجغرافيا، الثقافة، والمصلحة لم تمنع وجود تنوعات سواء على المستوى القومي أو الوطني. من الحكمة إدارة مثل هذه التنوعات والانطواء تحت سقف أمة جامعة واحدة.

علينا الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في إدارة التنوع الثقافي. هذا الجهد يقع على عاتق أهل الفكر، والرأي بجانب سلطات الدولة ومؤسساتها.

النموذج الأمريكي أكثر دلالة على ذلك، إذ استطاعت أمريكا إنشاء دولة قوية موحدة رغم هذا الخليط من التنوع الديني، والعرقي، واللغوي، والثقافي. الهند أيضا صاحبة التنوع اللغوي الهائل، والديني والعرقي والحضاري، أصبحت أكبر ديمقراطيات العالم، وتمضي في طريق التنمية بثبات ونجاح، كذلك تجربة جنوب إفريقيا في تجاوز تاريخ مرير من الحروب الأهلية.

قبل نحو عام وتحديداً في احتفال الجامعة العربية بمرور 75 عاماً على نشأتها، قال أحمد أبوالغيط: «الجامعة لا تُعاني أزمة وجود؛ إذ لم تكن هذه الأمة أحوج إلى هذا البيت الجامع في أي وقتٍ مضى أكثر مما هي الآن، ذلك أن الدولة الوطنية العربية تواجه تحدياتٍ غير مسبوقة في حدتها وخطورتها. تحدياتٍ تتعلق، في بعض الحالات للأسف، بوحدة ترابها وسيادتها ووجودها ذاته. تحدياتٌ لن تستطيع الدول العربية مواجهتها فُرادى».

أبوالغيط عرج في رسالته على سبيل حماية الجسد العربي «لن يستطيع العرب اللحاق بالعصر وحماية مقدراتهم المادية والبشرية - وهي أكثر مما نتصور - إلا لو اقتنعوا بأن أمنهم القومي وحدة واحدة. وكلٌ لا يتجزأ. من هُرمز إلى جبل طارق. ومن النيل إلى الجولان. وأن الطيور الجارحة التي تتربص بهذا البلد أو ذاك، تُشكل خطراً على الجسد العربي كله. وهو جسد، واحد، وروح واحد.. لو جُرح عضوٌ فيه هنا أو هناك. لسال منه دمٌ عربي. ولأصابَ الألمُ الجسدَ كله». مضى قرابة عام على هذه الرسالة، فهل تجددت الدماء في شرايين العمل العربي الجماعي؟

بيت القصيد في الأمر، لن ننجح في الحفاظ على وحدة الدول العربية، إلا إذا تكاتفت الجهود من أجل البناء على ما هو قائم، لمواكبة التحديات التي تفرضها التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم أجمع.