الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

ماكرون – زمور.. المنفعة السياسية

تتساءل الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية حول الأسباب الحقيقية التي تمنع الرئيس إيمانويل ماكرون من التعليق على صعود نجم الإعلامي إريك زمور، ومحاولة دحض أفكاره التي تُخيّم حالياً على المشهد السياسي الفرنسي.

ففي كل خرجاته الإعلامية يتفادى ماكرون التعليق على الجدل الساخن الذي ينعشه حالياً زمور، والذي يهيّئ الأجواء لإعلان ترشحه للسباق الرئاسي المقبل.

هناك أسباب موضوعية ورسمية تفسر هذه الصمت، تكمن في قول مقربين من الرئيس الفرنسي إن زمور لم يفصح بعد رسمياً عن ترشحه، لذلك ليس هناك أسباب للنزول إلى حلبة الصراع الانتخابي، فهو لا يريد الدخول الآن في مواجهة لا مع إريك زمور ولا مع أي مرشح آخر من الشخصيات التي أعلنت حتى الآن ترشحها لقصر الإليزيه.


هذه الأعذار ليست كافية لتسليط الضوء على خلفيات هذا الصمت، فهناك أسباب سياسية واضحة المعالم، والتي تساهم في إعادة هيكلة المشهد السياسي الفرنسي عشية الانتخابات الرئاسية، فهناك مصلحة سياسية ومنفعة انتخابية يقطفها ماكرون من الزوبعة السياسية التي يثيرها حالياً إريك زمور في المشهد الانتخابي الفرنسي.


يبدو جلياً أن هناك فائدة سياسية بين أجندة ماكرون واستراتيجية الإعلامي إريك زمور في مواقفه المتطرفة والملتهبة حول إشكالية الهجرة التي تشغل الجميع. حالياً يساهم إريك زمور بشكل واضح في إضعاف أيقونة اليمين المتطرف مارين لوبان، حيث ساهم في نسف سياستها ومواقفها التي تحاول إضفاء نوع من الاعتدال السياسي على خياراتها قصد توسيع دائرة نفوذها وقدرتها على الاستقطاب، لكن أمام زحف وانفجار أفكار زمور المتطرفة تبدو مارين لوبان مرغمةً على الدخول في منافسة شرسة معه والعودة إلى مربع الشيطنة الذي كان يعاني منه حزبها لسنوات طويلة.

يساهم إريك زمور الذي يقول إنه ينتمي إلى اليمين الديغولي في إزعاج اليمين التقليدي، بتوجيه انتقادات لاذعة لبرامجه السياسة وقياداته، وهو بذلك يزرع نوعاً من البلبلة داخل اليمين ويُعقد عملية اختيار شخصية يمينية.

هذه الاستراتيجية تصب حتى الساعة في مصلحة إيمانويل ماكرون.. يمين متطرف فاقد المصداقية ويمين تقليدي ضعيف بسبب مغامرة إريك زمور ويسار تحت الصدمة، كل هذه المكونات من وجهة نظر الحزب الحاكم تعبد الطريق لا شك لولاية ثانية لماكرون، فتكون الاستراتيجية الانتخابية قد لعبت دوراً أكبر من الدفاع عن الحصيلة السياسة والاقتصادية.