الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ميركل.. امرأة من ذهب

هناك نماذج رفيعة من البشر تمنح الحياة جمالاً وجلالاً، وهذه النماذج لا تمثل شعباً أو أرضاً أو مكاناً، لأنها تضيء في كل مكان!

يراها الجميع تودّع منصبها الكبير مستشارة لدولة عظمى، بعد أن جعلت منها كياناً متفرداً في العالم على كل المستويات.

ودّع الشعب الألماني مستشارته وصاحبة قراره.. أنجيلا ميركل، بالحب والدموع وسط تصفيق دام 6 دقائق، تترك ميركل السلطة وقد أعادت خلال 18 عاماً هيبة ألمانيا بكل ثقلها ودورها إلى صدارة أوروبا، ابنة رجل الدين وأستاذة الفيزياء.


قرأت لها حواراً ممتعاً يعكس فكرها وبساطتها ومواقفها في الحياة، سألوها: في أي قصر من قصور ألمانيا تعيشين طوال سنوات حكمك؟


قالت: لم اسكن قصراً ولكنني أعيش مع زوجي في شقتنا ولم نسكن غيرها طوال سنوات الحكم، وأنا وزوجي نرتاح فيها كثيراً!

سألوها: لماذا لا تغيّرين البدلة التي تحرصين على الظهور بها؟

قالت: أنا لست عارضة أزياء أنا موظفة ومسؤولة في الدولة.

سألوها كم عدد الخدم عندك؟

قالت: ليس عندي خدم، فأنا أعيش وزوجي في شقتنا ونقوم معاً بكل الأشياء في البيت، وقد اعتدنا على ذلك منذ سنوات.

هذا الحوار ربما كان آخر حديث لها عن حياتها البسيطة المتواضعة، وهي تحكم واحدة من أكبر دول العالم اقتصاداً ونفوذاً ودوراً.

إن بعض الناس يفضلون أسلوب حياتهم في الترفع والبساطة، وهؤلاء قلة ولكنهم يقدمون للآخرين نموذجاً في القناعة والتجرد والإحساس بالغنى.

في عهد ميركل عادت ألمانيا تتصدر دول العالم ورغم أنها جاءت مع حشود ألمانيا الشرقية، إلا أن أستاذة الفيزياء استطاعت أن تعيد للاقتصاد الألماني بريقه وقوته وهيمنته، وأعادت دور ألمانيا في أوروبا وأصبحت زعيمة للاتحاد الأوروبي وأعادت بلادها إلى مجموعة القوى العظمى، أمريكا والصين وروسيا، وقبل هذا أعادت وحدة الشعب الألماني بعد سنوات الانكسار والشتات.

هذه هي أنجيلا ميركل المرأة الحديدية التي أعادت ألمانيا إلى الصفوف الأولى بين دول العالم المتقدم نفوذاً ودوراً ومكانة، إنها تودع الآن موقعها وهي راضية تماماً فقد أضافت للمنصب الكثير من الجهد والنجاح والإنجاز.

لقد قدمت ميركل تجربة في الحكم جمعت الموقف والنجاح والترفع والنزاهة وعادت بوطنها إلى دوائر الضوء لكي تحتل ألمانيا مكانتها التي كانت يوماً تقود العالم.