الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الغواصات.. تهديدٌ للسلم العالمي

مرّ ما يقارب الشهر على اتفاقية الغواصات الأسترالية، التي اعتبرها البعض اتفاقا أمنياً مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بموجبه ستتمكن أستراليا من بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، والبعض وجد أن هذا الاتفاق هو تهديد بشكل غير مباشر للصين، ولكن بوجهة نظري أن هذا الاتفاق تهديد للسلم العالمي وليس للصين.

اتفاق أثار الجدل كثيراً وأثار معه موجة من الانتقادات من قبل بعض الدول الأوروبية، خصوصاً فرنسا، التي وجدت فيه إضراراً لمصالحها ومصالح شركاتها التي كانت تعمل على صناعة غواصات لأستراليا. وحين تنظر للاتفاق من زوايا مختلفة ستكتشف ما أبعد من الإضرار بالمصالح الاقتصادية لفرنسا، بل إضرار بمكانة فرنسا وعلاقتها بالحلفاء أمريكا والمملكة المتحدة، الأمر الذي أدى لتوتر سياسي ودبلوماسي بين هذه الدول.

على الجانب الآخر، وقفت الصين كما هي العادة موقف المدافع عن السلام العالمي، وعبّرت من خلال دبلوماسيها ومسؤوليها أبعاد مثل هذه الاتفاقية وتأثيرها على السلم العالمي، وقد سلط عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي الضوء على 3 مخاطر رئيسية تهدد سلم واستقرار النظام الدول، فأولاً سيؤدي هذا التعاون إلى عودة اندلاع الحرب الباردة، وسيفضي ثانياً إلى اندلاع سباق تسلح وانتشار الأسلحة النووي.

اتفاقية الغواصات ليست مجرد اتفاقية أمنية أو عسكرية أو حتى تجارية، فهي اتفاقية مصالح على حساب حلفاء كنا نرى مصالحهم مشتركة، ولكن بعد هذه الاتفاقية ستتغير المصالح وتتغير معها روابط الحلفاء وتكتلاتهم واستراتيجياتهم، فمنهم من يتسلح لحماية مصالحه، ومنهم من يهدد ويتوعد لحماية مصالحه أيضاً، ومنهم من سيزج بأوراقه الدبلوماسية ليحافظ على المصالح، والمصالح هي ذاتها التي تشعل حروباً وتهدد السلم العالمي.

الحرب الباردة دمار للعالم، واستنزاف لمقدرات شعوب وأمم والدفع باتجاهها بمثل هذه الاتفاقية سيؤزم الأمور ويسخن طبول الحرب، وإن حدث ذلك فسنصل لقرارات لا يتحمد عاقبتها، ولهذا دعت الصين الدول الثلاث لتبني توجهات العصر الداعية والرامية لعالم أكثر استقراراً بدلاً من تأجيج الوضع هنا وهناك.

الصين لا ترى في اتفاقية الغواصات تهديداً لها، فهي دولة راعية للسلام ولا تنظر لمثل هذه الاتفاقية إلا أنها اتفاقية تهدد مساعيها بالسلام.

من وجهة نظري، كل دولة راعية للسلام ستجد في هذه الاتفاقية تهديداً لها وتهديداً لمساعيها وأهدافها، وعلى العالم أن يعي أن تسخين الحرب الباردة والدفع باتجاه سباق التسلح ما هو إلا بداية للهيب سيحرق الجميع، ولنتعلم من ماضينا قبل 100 عام، وما حلّ بدول العالم إبان الحرب العالمية الأولى، ولننتظر ونتعلم قبل أن نفقد السيطرة على غواصات البحار والصواريخ العابرة للقارات.